[frame="1 90"] ذكر الصوم في السفر :
قال الله تعالى(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ - إلى قوله - فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) فأوجب عز و جل على المسافر في أيام شهر رمضان صيام عدة أيام سفره من غيره و لم يوجب عليه الصوم في السفر فكان على هذا القول من صام في السفر صام ما لم يفرض عليه صيامه و عليه أن يأتي بما فرض عليه من أيام أخر كما قال عز و جل .
و قد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سافر في شهر رمضان فأفطر و أمر من معه أن يفطروا فتوقف قوم عن الفطر فسماهم العصاة ). و ذلك لأنه أمرهم (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يأتمروا لأمره و في ذلك خلاف على الله عز و جل و على رسوله و إنما أمرهم بالفطر (صلى الله عليه وآله وسلم) و أفطر ليعلموا وجه الأمر في ذلك و أن صومهم في السفر غير مجز عنهم على ظاهر كتاب الله عز و جل فأما إن صام المسافر في شهر رمضان غير معتد بذلك الصوم أنه يجزيه فلا شيء عليه إذا قضاه في الحضر و هو كمن أمسك عن الطعام و الشراب و ليس بصائم في حقيقة الأمر .
و قد روينا عن علي ( عليه السلام) أنه قال صام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في السفر في شهر رمضان و أفطر في السفر فيه و أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) من صام في السفر يعني في شهر رمضان فليعد صوما آخر في الحضر إن الله عز و جل يقول(( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) .
و روينا عن جعفر بن محمد (عليه السلام) : أنه كره لمن أهل عليه شهر رمضان و هو حاضر أن يسافر فيه إلا لما لا بد منه و لا بأس أن يرجع إلى بيته من كان مسافرا فيه .
و عن جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال أدنى السفر الذي تقصر فيه الصلاة و يفطر فيه الصائم بريدان و البريد اثنا عشر ميلا و الميل ثلاثة آلاف ذراع و إن خرج إلى مسافة بريد واحد يذهب و يرجع قصر و أفطر ) .
و عنه (عليه السلام) أنه قال من خرج مسافرا في شهر رمضان قبل الزوال قضى ذلك اليوم و إن خرج بعد الزوال تم صومه و لا قضاء عليه و إن قدم من سفر فوصل إلى أهله قبل الزوال و لم يكن أفطر ذلك اليوم و بيت صيامه و نواه اعتد به و لم يقضه و إن لم ينوه أو دخل بعد الزوال قضاه ).
و عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) أنه قال إذا دخل المسافر أرضا ينوي بها المقام في شهر رمضان قبل طلوع الفجر فعليه صيام ذلك اليوم ).
و عن جعفر بن محمد أنه قال حد الإقامة في السفر عشرة أيام فمن نزل منزلا في سفره في شهر رمضان ينوي فيه مقام عشرة أيام صام و إن لم ينو ذلك و نزل و هو يقول أخرج اليوم أو غدا لم يعتد بالصوم ما بينه و بين شهر و عليه أن يقضي ما كان مقيما في ذلك صامه أو أفطره لأنه في حال مسافر و إنما ذلك إذا كان مجدا في السفر و كان نزوله في منزل لا أهل له فيه فأما إن نزل على أهل له فهو في حال المقيم و لا قضاء عليه ما أقام فيهم حتى يرتحل ).
ذكر الفطر للعلل العارضة :
قال الله عز و جل(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ - إلى قوله - فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) فظاهر هذا القول من الله عز و جل يوجب كما ذكرنا في باب السفر الذي قبل هذا الباب أن المريض لا يجب عليه صيام شهر رمضان و أن الذي يجب عليه صومه عدة من أيام أخر إذا صح و أطاق الصوم كما قال الله عز و جل .
و قد روينا عن جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال حد المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار كما يجب عليه في السفر لقول الله عز و جل ((فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر))َ أن يكون العليل لا يستطيع أن يصوم أو يكون أن استطاع الصوم زاد في علته و خاف منه على نفسه و هو مؤتمن على ذلك و مفوض إليه فيه فإن أحس ضعفا فليفطر و إن وجد قوة على الصوم فليصم كان المرض ما كان . فإذا أفاق العليل من علته و استطاع الصوم صام كما قال الله عز و جل(( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) بعدد ما كان عليلا لا يقدر على الصوم أفطر في ذلك أو أمسك عن الطعام على ما ذكرناه في باب السفر فإن كانت علته علة مزمنة لا يرجى منها إفاقة أو تمادت به إلى أن أهل عليه شهر رمضان آخر فليطعم عن كل يوم مضى له من شهر رمضان و هو فيه مريض مسكينا واحدا نصف صاع من طعام ).
و كذلك روينا عن علي صلوات الله عليه و على الأئمة من ولده .
و عن علي ( عليه السلام) أنه قال لما أنزل الله عز و جل فريضة شهر رمضان و أنزل(( وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ)) أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيخ كبير متوكئا بين رجلين فقال يا رسول الله هذا شهر مفروض و أنا لا أطيق الصيام فقال اذهب فكل و أطعم عن كل يوم نصف صاع و إن قدرت أن تصوم اليوم و اليومين و ما قدرت فصم و أتته امرأة فقالت يا رسول الله إني امرأة حبلى و هذا شهر رمضان مفروض و أنا أخاف على ما في بطني إن صمت فقال لها انطلقي فافطري و إذا أطقت فصومي و أتته امرأة ترضع فقالت يا رسول الله هذا شهر مفروض و إن صمته خفت أن ينقطع لبني فيهلك ولدي فقال لها انطلقي فافطري و إذا أطقت فصومي و أتاه صاحب عطش فقال يا رسول الله هذا شهر مفروض و لا أصبر عن الماء ساعة إلا تخوفت الهلاك قال انطلق فأفطر فإذا أطقت فصم ). فصار الشيخ الفاني هاهنا بمنزلة العليل بالعلة المزمنة التي لا يرجى برؤها فيقضي صاحبها ما أفطر فعليه أن يطعم و كذلك العجوز الكبيرة التي لا تستطيع الصوم و الحامل و المرضع في حال العليل الذي يخاف على نفسه تفطران و تقضيان إذا قدرتا و صاحب العطش في حال العليل .
و عن علي ( عليه السلام) أنه قال من مرض في شهر رمضان فلم يصح حتى مات فقد حيل بينه و بين القضاء و من مرض فيه ثم صح فلم يقض ما مرض فيه حتى مات فينبغي لوليه و يستحب له أن يقضي عنه ).
و قال جعفر بن محمد (عليه السلام) يقضي عنه إن شاء أولى أوليائه به من الرجال و لا تصوم المرأة عن الرجل .
و عنه (عليه السلام) أنه قال يقضي شهر رمضان من كان فيه عليلا أو مسافرا عدة ما اعتل أو سافر فيه إن شاء متصلا و إن شاء مفترقا قال الله عز و جل(( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر))َ إذا أتى بالعدة فهو الذي عليه ).
و عن علي ( عليه السلام) أنه كره أن يقضى شهر رمضان في ذي الحجة و قال إنه شهر نسك ).
ذكر الفطر من الصوم :
قال الله عز و جل(( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)) و روينا عن أهل البيت (عليهم السلام) بإجماع فيما رويناه عنهم أن دخول الليل الذي يحل فيه للصائم الفطر هو غياب الشمس في أفق المغرب بلا حائل دونها يسترها من جبل و لا حائط و لا ما أشبه ذلك فإذا غاب القرص في أفق المغرب فقد دخل الليل و حل الفطر .
و روينا عن علي ( عليه السلام) أنه قال السنة تعجيل الفطر و تأخير السحور و الابتداء بالصلاة يعني صلاة المغرب قبل الفطر إلا أن يحضر الطعام فإن حضر بدئ به ثم صلى و لم يدع الطعام و يقوم إلى الصلاة ).
و ذكر (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتي بكتف جزور مشوية و قد أذن بلال فأمره فكف هنيهة حتى أكل و أكلنا معه ثم عاد بلبن فشرب و شربنا ثم أمر بلالا فأقام و صلى و صلينا معه .
و عنه (عليه السلام) أنه قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أفطر قال اللهم لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبله منا ذهب الظمأ و امتلأت العروق و بقي الأجر إن شاء الله ).
و عنه (عليه السلام) أنه قال إذا رأيتم الهلال أو رآه ذوا عدل نهارا فلا تفطروا حتى تغرب الشمس كان ذلك في أول النهار أو في آخره و قال لا تفطروا إلا لتمام ثلاثين يوما من رؤية الهلال أو بشهادة شاهدين أنهما رأياه ). [/frame]
|