الجامع الازهر
خلال الفترة الفاطمية، أدّى الأزهر دوراً حيوياً كأحد الجوامع الرئيسية لصلاة الجمعة للإمام الخليفة، حيث كان من عادة الإمام الخليفة أن يلقي بنفسه الخطبة؛ وأيضاً كمركزٍ للتعليم الديني. وقد ألقى فيه العديد من العلماء بمن فيهم علي بن النعمان، ابن القاضي النعمان الفقيه المشهور لدى الإمام الخليفة المعز لدين الله، ويعقوب بن كلس، وزير الإمام الخليفة العزيز، ألقوا محاضرات في الفقه الفاطمي، وعلم الكلام، ومواضيع أخرى. وقد شكلت هذه المجالس جزءاً هاماً في نشر الأفكار الفاطمية. وقد خصصت أيضاً مجالس تعليمية للنساء.
خصص الإمام الخليفة العزيز لمجموعة من العلماء بيتاً قرب الأزهر وقدم التسهيلات لدعمهم. وعقد العلماء محاضرات وجلسات في الجامع. وكان الأزهر أيضاً أحد الجوامع الرئيسية حيث يتم فيها تعيين قاضي القضاة علناً؛ وحيث كان القضاة يترأسون العديد من القضايا. في المناسبات الهامة، كانت التجمعات تعقد هنا ويتوهج البناء بالأضواء. وتقدم الوجبات في هذه المناسبات.
بعد الفترة الفاطمية، أصبح للأزهر دورٌ ثانويٌ خلال فترة الأيوبيين، لكنه استعاد مكانته وتوسع على يد المماليك ليصبح جامعاً كبيراً ومركزاً للتعليم الديني. وعلى الرغم من أنه حالياً واحد من الأكاديميات الدينية العديدة، إلاّ أنه حافظ على مركزه الرئيسي بسبب مكانته التاريخية وموقعه الذي كان حتى القرن الثامن عشر، المركز السياسي والاقتصادي والاجتماعي للقاهرة.
كان ابن الهيثم (ت. 430 هـ/ 1039 م) وابن خلدون (ت. 808 هـ/ 1406 م) من العلماء المعروفين الذين عاشوا ودرّسوا في الأزهر. وحتى في عصر الفاطميين كانت هناك تجديدات وإضافات في بنائه. وقد أُهمل الأزهر خلال حكم الأيوبيين، الذين أعقبوا الفاطميين من أواخر القرن الثاني عشر وحتى أواخر القرن الثالث عشر. وبعدها، أضاف المماليك إلى الجامع ومحيطه إضافات كثيرة استمرت لغاية القرن الثامن عشر.
يستمر الأزهر اليوم، أهم الجوامع الضخمة في القاهرة. وبما أنه مركزٌ للتعليم، فقد تحول في بداية القرن التاسع عشر في ظل حكم الباشوات العثمانيين إلى جامعة حديثة متعددة الكليات والاختصاصات مع أبنية ملحقة في القاهرة والمدن الأخرى في مصر، مع ملحقات للمعاهد ومراكز للتعليم عالمياً.
جذب الأزهر دائماً الطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وحتى وقتنا الحاضر. ومجموعاته التي يحويها مشهورة بعدد كبير من المخطوطات بالعلوم الدينية الإسلامية
|