الأعجاز في نهى النبي عن الأكل و الشرب (أثناء الوقوف) :
روى مسلم في (صحيحه) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً، قال قتادة: فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال: "ذلك أشر وأخبث" (رواه مسلم) (1)، وفي رواية له: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائماً، ايضا روي عن الرسول انه قال: "لا يشربن أحد منكم قائماً، فمن نسي فليستقئ" (رواه مسلم) (2).
و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائماً وقاعداً (رواه الترمذي) (3)، وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سقيت النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم (متفق عليه) (4)، وعن النزال بن سبرة قال: أتى علي عليه السلام على باب الرَّحبة، فشرب قائماً، فقال:إن ناساً يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت (5) (رواه البخاري).
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " نهى رسول الله عن الشرب قائماً و عن الأكل قائماً و عن المجثمة و الجلالة و الشرب من فيّ السقاء ".
قال العلامة ابن القيم: "وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الشرب قاعداً، هذا كان هديه المعتاد، وصح عنه أنه نهى عن الشرب قائماً، وصح عنه أنه أمر الذي شرب قائماً أن يستقيء، وصح عنه أنه شرب قائماً. قالت طائفة: هذا ناسخ للنهي، وقالت طائفة: بل مبين أن النهي ليس للتحريم، بل للإرشاد وترك الأولى، وقالت طائفة: لا تعارض بينها أصلاً. فإنه إنما شرب قائماً للحاجة؛ فإنه جاء إلى زمزم وهم يسقون منها فاستقى، فناولوه الدلو، فشرب وهو قائم، وهذا كان موضوع حاجة. وللشرب قائما آفات عديدة؛ منها أنه لا يحصل به الرّي التام، ولا يستقر في المعدة، حتى يقسمه الكبد على الأعضاء، وينزل بسرعة وحده إلى المعدة، فيخشى منه أن يبرد حرارتها ويشوشها، ويسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج. وكل هذا يضر بالشارب، وأما إذا فعله نادرا أو لحاجة فإنه لا يضره، ولا يعترض بالعوائد على هذا؛ فإن العوائد طبائع ثوان، ولها أحكام أخرى، وهي بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء" (6). انتهى.
___________________________________________
1 - أخرجه مسلم (2024).
2 - مسلم (2026).
3 - الترمذي (1883).
4 - البخاري (5617)، ومسلم (2027).
5 - البخاري (5615).
6 - زاد المعاد: (4/ 229).
الإعجاز الطبي
يقول الدكتور عبد الرزاق الكيلاني :أن الشرب و تناول الطعام جالساً أصح و أسلم و أهنأ و أمرأ ، حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بتؤدة و لطف .
أما الشرب واقفاً فيؤدي إلى تساقط السائل بعنف إلى قعر المعدة و يصدمها صدماً ، و إن تكرار هذه العملية يؤدي مع طول الزمن إلى استرخاء المعدة و هبوطها و ما يلي ذلك من عسر هضم .
و إنما شرب النبي واقفاً لسبب اضطراري منعه من الجلوس مثل الزحام المعهود في المشاعر المقدسة ، و ليس على سبيل العادة و الدوام .
كما أن الأكل ماشياً ليس من الصحة في شيء و ما عرف عند العرب و المسلمين .
و يؤكد د. الراوي أن الطعام و الشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف ( القيام ) إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في بطانة المعدة ، و إن هذه الإنعكاسات إذا حصلت بشكل شديد و مفاجىء فقد تؤدي إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة لتوجيه ضربتها القاضية للقلب ، فيتوقف محدثاً الإغماء أو الموت المفاجىء .
كما ان عادة الأكل و الشرب واقفاً تعتبر خطيرة على سلامة جدران المعدة و إمكانية حدوث تقرحات فيها.