عرض مشاركة واحدة

   
 
  #1  
قديم 03-19-2011, 10:50 PM
بلحارث االيمن بلحارث االيمن غير متواجد حالياً
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,492
افتراضي استشهاد القديس الحارث بن كعب ورفقائه من اهل نجران

استشهاد القديس الحارث بن كعب ورفقائه من اهل نجران


تعرفت إلى القديس العربي المعظم في الشهداء،‏ حارثبن كعب النجراني،‏ يوم شرفني سيادة المتروبوليت قسطنطين ‏‏"بابا استفانو‏" بحملإسمه،‏ وتعلقت به، غير أن القليل المتوفر عن أخباره في كتاب السواعي الكبير حفزنيللإستقصاء عن كل معلومة عنه، ثم أزكى فيني سيادة الأسقف استفانوس حداد رحمه اللهالرغبة في معرفة المزيد عن مسيحيي الجزيرة العربية،‏ بما كان يمليه علي من أخبارالتاريخ العربي عن مسيحيي نجران في المخطوطات البل مندية التي تحمل الأرقام ‏131‏ و‏153‏ و ‏154‏.‏

ثم لفت انتباهيالأب سمير خليل اليسوعي،‏ الغني عن التعريف في مجال نشر التراث العربي المسيحي،‏إلى ما جاء في فهرس جورج غراف عن المخطوطات العربية، فتبين لي أن قصة استشهادالقديس حارث ورفقائه موجودة بأكملها في مخطوطتين عربيتين في دير القديسة كاترينا فيسيناء،‏ هاتان المخطوطتان هما ‏ sa.428‏ و ‏sa.535؛ وموجود منها ورقتان فقط فيمخطوطة عربية في برمنجهام



ويعود تاريخ كتابة المخطوطة العربية المنشورة،‏ التي في دير القديسةكاترينا في سيناء تحت رقم sa.428 إلى القرن العاشر الميلادي،‏ وفيها رواية عناستشهاد القديس الحارث بن كعب ومن معه من أهل مدينة نجران.‏ غير أن هذه الرواية لاتنحصر بالحديث عن استشهاد القديس الحارث وحده،‏ إذ تورد أسماء آخرين،‏ لكن أهم مافيها هو أنها تقوم بتوثيق أحداث مهمة من الصراع المسيحي اليهودي الذي قام في جنوبغرب الجزيرة العربية،‏ في البلاد الحميرية،‏ في الربع الأول من القرن السادسالميلادي،‏ والذي كانت نتيجته إستشهاد عدد كبير منالمسيحيين.



وتذهب الرواية إلى القول أن صدى هذه الأحداث لم ينحصر في البلادالحميرية بل انتشر خبرها إلى البلاد المحيطة بها وبلغ الدول العظمى في ذلك الحين،‏الروم والفرس والأحباش،‏ فسارع الروم والأحباش إلى نجدة مسيحيي الجزيرة العربية فيما يشبه الحلف العسكري المرتكز على تفاهم وتعاونسياسيين.






يرسممطلع الرواية الأطر الزمنية والسياسية والجغرافية وحتى الدينية للأحداث التي تؤرخهاالرواية، ويصف البلاد الحميرية بالمختلفة المذاهب ويحدد سبأ مركزا للوجود اليهوديبنسبة عالية فيما نجران مركز للتواجد المسيحي بنسبة عالية، وأن الإقتتال بينهما لهتاريخ طويل كان للأحباش يد فيه بسبب مساندتهم للمسيحيين الحميريين على أساسديني.


تبدأالأحداث في الرواية عندما استعاد "دنحاس" اليهودي الملك في سبأ، بعد أن أقصاهالأحباش أول مرة، فقام بقتل الحاميات العسكرية الحبشية فيها ثم توجه نحو نجرانوحاصرها ستة أشهر من دون أن يتمكن من دخولها بالقوة، فلجأ إلى الحيلة والمكر متعهدابعدم التعرض لأهل المدينة إن هم دفعوا له خراجا.
لكنه حالما دخل نكث بعهده وانتقم حتى من عظام أسقفهم بولسالمتوفى، وأحرق 427 من الكهنة والرهبان وقيد أشراف المدينة ومن بينهمالحارث.
وتذهبالرواية في وصف تنكيله بالمؤمنين من المسيحيين لتقول أنه قتل 4252 نفسا و 227 منالنساء المكرسات وسيدة المدينة "دهما" مع ابنتيها قبل أن يستشهد القديس الحارث،الذي قدم اعتراف إيمان وتنبأ، ومعه جمع من الشبان.
ثم تنتقل الرواية بعدها لتصف استشهاد امرأة مع طفلها ذيالأربع سنوات الذي حاور الملك أيضا واعترف بإيمانه بالمسيح ثم لحق بأمه وهي فيالنار.
وأخيرا تذكر الرواية قصةرضيع نطق مشجعا أمه على الإستشهاد في سبيل الإيمانالحق.



ولاتتوقف الرواية هنا، بل تكمل لتقول أن "دنحاس" هذا، بعد أن بسط سلطته على كل البلادالحميرية، دعا ملك الحيرة وملك فارس لاضطهاد المسيحيين في بلادهما، لكن كتاب دعوتهورد أثناء انعقاد مؤتمر سلام بين الروم والفرس كان فيه المناذرة حاضرينأيضا.
فقام وفد الروم بنقل الأنباءإلى ملكهم "يوستين" الذي بدوره كتب إلى "تيموثاوس" بطريرك الإسكندرية وإلى‏"الأسباس" ملك الحبشة لينجدا مسيحيي نجران، وذلك بسبب قربهما منهم، واضعا طاقاتهتحت تصرفهما.
وارتفعت حماسة ملكالحبشة مع قدوم رسول من نجران فتجهزت حملة برية ضد الملك الحميري لكنها أخفقت، ثمتجهزت حملة ثانية بحرية كان نصيبها النجاح، فقضي على "دنحاس" ومعاونيه.
ومع عودة الملكللمسيحيين أرسل بطريرك الإسكندرية أسقفا من عنده يرعى شعب البلاد الحميريةويعيدبناء الكنائس فيها.
وتختمالروايةتلك الأحداث بأن نصرة الله لملك الحبشة وتمكينه من تثبيت المسيحية فيالبلاد الحميرية تركا في نفسه الأثر الكبير، ما دفعه إلى أن يتخلى عن تاج الملكويصير راهبا.



"المسيح عوني ورجاءي ومخلصي،‏ والسيدة الطاهرة أم النورشفيعتي‏"‏.‏
كان فيذلك الزمان رجل يقال له دنحاس، يهودي رشيع هارق الدم أكثر من غيره من الناس.،‏ كانقد تغلب وملك على بطين،‏ وهي البلدة التي تسمى سبأ في الكتاب الروحاني، وكل من كانفي هذه البلدة سبأ ساكنا كانوا حنفاء ويهود،‏ وكانوا لا يسلكون على وصايا الناموس،‏إلا ما كان من النهي في المأكل والمشرب مما يضر ولا ينفع،‏ وإنما يحفظ ذلك المرايينوالفريسيين والصدوقيين،‏ أصحاب الباطل.‏
وكانت الدنيا كلها ممتلئة من عبادة المسيح والأمانة به،‏ ما خلا بلدةسبأ وحدها فإنها كانت كافرة،‏ وكانوا فيما يزعمون أنهم باليهودية متمسكين وللهعابدين،‏ وبالحقيقة للأوثان كانوا يكرمون، فلذلك كان القتال يكثر فيما بين ملكالحبشة المؤمن بالمسيح وبين أهل سبأ،‏ حتى أن أهل سبأ كانوا يرضون ملك الحبشة بدفعالخراج إليه والهدايا،‏ وكان الاسباس ملك الحبشة لا يحب ولا يرغب فيما يدفعون إليهمن ذلك لكفرهم،‏ فكان يقاتلهم كثيرا ويتعاهد أرضهم بالجيوش حتى آذاهمجدا.‏
وكان مما يلي أرض سبأ مدينةيقال لها نجران،‏ هذه المدينة من السماء استنارت وصارت على الأمانة المستويةالمستقيمة المقدسة،‏ المثلثة الأقانيم الموحدة بالطبيعة،‏ وهو الإله الواحد بإكمالحقه وصواب قدسه.




فاتفق أنملك اليهود هزم في القتال وهرب إلى الجبال ليتحصن فيها،‏ وكان الاسباس ملك الحبشةالقديس لما أن هزم عدو الله الكافر وهرب منه،‏ إنصرف حينئذ إلى أرضه وملكه وجهز خيلرابضة وولى عليهم في أرض سبأ.‏
فإذا الشيطان، مبغض خير الدنيا، لم يزل يقاتل أهل الصلاح،‏ قد حرك ملكسبأ المهزوم على الخروج إلى القتال لمن كان قد خلف ملك الحبشة بأرض سبأ،‏ فقاتلهموهزمهم وقتلهم وجعل يقتل كل من كان من أهل الإيمان بالمسيح يسوع،‏ ولم يدع بأرض سبأممن كان من النصارى أحد إلا قتله مع جميع من كان قد خلفه ملكالحبشة.‏
فلما فعل ذلك حرك جيوشهللمسير إلى نجران،‏ أهل مدينة الصلاح ومحبي السلام،‏ أراد أنيبيدهم.
كانالزمان شتاء" فلم يقدر ملك الحبشة أن يخرج إليه وهو محاصر نجران، المدينة العفيفةالكريمة الممدوحة، التي تأويل إسمها بالعبرانية - مدينة الرعد، والعالية التي لاتستطاع.
فلما جاء اليهودي النجسإلى ناحية تلك المدينة، نجران القديسة، نظر إلى علامة صليب يسوع المسيح قائم علىعود محيط بالمدينة مع جند مقاتلة.




بعث منادين وأمرهم ينادون بأعلى صوتهم ويقولون "أيما رجللم يجدف بالمصلوب ويحقر هذه العلامة الملعونة فإنه يباد ويقتل بالسيف والنار، ومنكان على ديني وكفر بما يقولون أصحاب الجليلي، مثلثة، فإنه يصيب مني كرامة عظيمةويكون في ملكي قد فاز فوزا عظيما، واعلموا أني قد قتلت جميع من كان قد خلف ملكالحبشة بأرض سبأ ومن كان بها من النصارى، وكل كاهن وراهب قد قتلته بالسيف، وأحرقتبالنار جميع أرضهم وكنائسهم التي في ملكي، وهدمت ونسفت عن الأرض فتركتها غبار، وقدقدمت إليكم يا أهل نجران بقوة كبيرة وساعد عالي ومقاتلة مختارين وهم مائة وعشرينألفا".




فأماأهل المدينة فكانوا يجاوبون من فوق ويقولون "نحن أيها الملك نعبد الله الذي خلق كلشيء بكلمته، التي كان بها كل شيء، وروحه القدس الذي يحيي، وليس نعرف نحن كثرةالآلهة، ولكنا نعبد ونؤمن باللاهوت واحدة بثلاثة أقانيم، الأب والإبن وروح القدس،كيان واحد. فهو إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، كما كرزوا لنا رسله القديسين الذينأضاءوا العالم بتعليم الحق وهدوا الناس إلى سبيل الهدى، وحققوا الحق اليقين فيتحقيق الحق وتصديق كلام الأنبياء الذين من قديم الدهر تبنوا وأخبروا جميع الناسبعلم الحق، لمن اتبع قولهم وصدق كتابهم وقبل ما أتوا به من عند الله، وليس فيماأتوا به من عند الله تشبيه ولا باطل، ولكنه حق واضح. وكذلك كانوا آباؤنا إبراهيمواسحاق ويعقوب وموسى وهارون وصامويل وداوود وجميع الأنبياءيؤمنون".

حينئذغضب الملك الملعون الذي كان يرى على الناموس ولكنه كان على غير ناموس، وجعل يحاصرهمستة أشهر بمكايدة شديدة، فلم يستطيع أن يحرك مدينة كان أساسها على صخرة الأمانةبالمسيح، التي هي مثل صهيون الشامخة - أورشليم - التي الجبال حولها والله محدق بها،وشعبه إلى الأبد.
فناصب الملكالملعون لأهل تلك المدينة العداء، ولم يدع أحد ممن كان حول المدينة، في البساتينوالمزارع إلا جمعهم، منهم من قتل ومنهم من وهبهم للعبودية لعظماء جيشه ورؤساءقومه.
فلما علمالملعون أنه لا يستطيع لأهل المدينة لا بمكيدة ولا بمقاتلة ولا بشيء مما حاصرهم به،وكانوا أهل المدينة يخرجون في كل حين على غفلة فيغيرون على عسكره ويقتلون خلق كثيرويدخلون مدينتهم، فلما رأى ذلك الملك الملعون، تشبه بالشيطان الذي كان هو قاتلالإنسان منذ القديم، بعث إلى الذين يخافون الله ويعبدونه، وجعل يحلف لهم بأيمانالناموس العظام ويقول "إني لا أضر أحد من أهل المدينة ولا أهرق فيها دم ولا أكلفأحد أن يجدف بما يعبد من الدين، ولا أريد إلا أن أصير عليكم خراجا تؤدونه إلي،وأدخل المدينة فأنظر إليها وأعرف كيف هي، وأعطا منكم ما أنا أهله في هذه السنة، علىأني أصير على رأس كل رجل وامرأة، حر كان أو عبد، شيخ كان أو صبي، أو فلاح أرض أوصانع، أجعل عليهم خراج مثقال واحد".
وزن هذا المثقال إثنا عشر قيراطا بوزن الروم، وتلك السكةكان قد صيرها ملك سبأ.
فكان مايجتمع من ذلك القانون على ما شرط الملعون من أهل مدينة نجران من أرطال الذهب ألفوستمائة وتسعين رطلا.
فأما محبين الله الذين كانوا في المدينة فإنهم كانوا معتادين أن يخضعونللوصايا المقدسة التي أوصى بها المسيح المخلص.
فقالوا له "أيها الملك، إنا نحن تعلمنا من الناموس ومن الأنبياء والرسل،التلاميذ المقدسين، أن نعبد الله ونخضع للملوك فيما ينبغي، فنحن فاتحين المدينة لكلتدخلها أنت ومن أحببت، وأعلم أنك إن غدرت ولم تفي بما حلفت وقلت، فإن لنا إلهاقادر أن يعيننا ويرد شرك على رأسك وعلى ملكك، وأن لم تفعل ذلك فإنا قائلون لك كماقالوا الثلاثة الغلمة، حننيا وعازريا وميصايل، أنا لا نعبد إلهك ولا نقر بتجديفكونحن نرى أن الموت لنا ربح منك وعلى ذلك فنحن بالمسيح الذي مات من أجلنا وأحيانابموته، فنحن به أحياء".
فلما قالوا ذلك فتحوا باب المدينة.




فدخلالغاش الغادر الكذاب ملك سبأ، فلقيه ريسا المدينة والحارث معهم، فسلموا عليه تسليمابسجود على الأرض.

عند ذلك امر ن يجتمعون باجمعهم، وكان اول ما بدا بهم من الصنيع انه امران يقبض ما كان لهم من مال.
وامر ان يقدموا اليه اسقفهم بولس، فقالوا له انه قد مات منذ عامين، فلميصدق قولهم حتى بعث الى موضعه فنبش عظامه، وامر ان تحرق عظام القديس بالنار وتدرافي الريح، جميع ما اخرج من القبر من عظام القديس بولسالاسقف.
عند ذلك،امر برباط جميع من قدروا عليه من اهل المدينة، ثم امر اصحابه ان يجمعوا حطبا كثيراويوقدوا نارا عظيمة، ففعلوا ذلك، وبلغ ارتفاع تلك النار شيكثير.
ثم امر ان يطرح فيها من ربطمن الكهنة والشمامسة والرهبان، ومن كان من النسا الساهرات في الليل بالقراه فيالكنايس، وكل من كان متعبدا لله في الكنايس في تلك المدينة وما حولها من العذاريالناسكات اللواتي كن يخدمن في هيكل الله بالليل والنهار.
وامر بكل هاولي ان يلقوا في حامية النار التي اوقد، ارادةمنه ان يفزعوا منه جميع من بقي من النصاري، وكان عدد أوليك اربع ماية نفسا وسبعةوعشرين نفسا.
ثمانه بعد ذلك، امر ان يطرح الحارث في غل، وجميع من كان معه من الريسا والاشراف مناهل المدينة باغلال من حديد.
وكان المنادي ينادي بلغة حميرية ويقول: "اكفروا بالذي يقال له المسيحالناصري وتهودوا وكونوا على ديني لكيما تحيون".
وكانوا الشهدا القديسين يقولون: "معاذ الله ان يكون لناهذا ونكفر بالدين الذي عليه عمدنا.
فاجاب الملك الكافر للقديسين وقال: "ان الروم قد عللوا ان اباينا انماصلبوا انسانا باورشليم، وقد كانوا كهنة وعلما بالناموس. وانما ضربوه وشتموه واماتوهبقتل قبيح لما علموا انه ليس باله. فلاي شي تضلون انتم في اثر هذاالانسان؟
العلكم افضل من الروم،الذين يقال لهم المنانيين، الذين هم عندنا اليوم؟ وهم يخبرونا ويقولون: انا ليسنقول انه اله، ولكن نبيا.
فلستاريد منكم يا اهل نجران ان تكفرون بالله الذي خلق السما والارض، ولا ان تعبدونالشمس والقمر ولا النجوم التي في السما، او شي في الارض من الخلق، او شي مما فيالبحور والانهار. ولكن اريد منكم ان تكفرون بالذي يسما يسوع، الذي كان يجدف ويجعلنفسه الاها.



ولكن تقولون هذا فقط: ان الذي صلب انسان وليس الاها".
فقالوا له القديسين: "عن انفسنا وعن جميع امتنا، وعن كل من كان منا بسبيل، نجيب ونتكلم ونشهد ونعترف بالاعتراف الصالح الذي به عمدنا بسم الاب والابن وروح القدس. ولا نكفر بجوهر الله ولكنا نقول ان يسوع المسيح الذي انت تجدف عليه، انه احد الثالوث القدوس. هو كلمة الاب الذي تجسد في اخر الازمان منجل خلاصنا، من روح القدس ومن مريم العذرا. وقد اعلمنا في كلامه المقدس "انكم ساتساقون الى الملوك والسلاطين منجل الشهادة عليهم وعلى الامم". فاما انت فنحن نكفر بك وبما انت عليه. انت الذي غدرت باله الناموس وكذبت الحق".
عند ذلك ري ان ياخذهم بلطف وحسن كلام ورفق لكي يكفروا بالمسيح، فلم يوافقوه. وكان قولهم له: "لو انك اردت ان تبيدنا بالعداب والنار لم نكفر به ولا بالايمان بالثالوث القدس، لان حياتنا وموتنا بالمسيح".

وكان فيهم ريسا ومعلم وسابق بالاعتراف وبالامانة بالمسيح، رجل يقال له الحارث الذي ذكرناه، وهو كان بن رجل حنيف، وهو كان ريس القوم ومتقدمهم.

وكانوا اهل المدينة قد عرفوا كفر الملك ونفاقه، فهربوا واختفوا في الجبال والمغاير واحجرة الارض. وليس كان فرارهم من الشهادة والسعادة، ولا الفزع منه، ولكن كان رجاهم ملكوت السما.
فكانوا في الصحاري يصلون ويدعون الذي يسمع دعوه فراخ الغربان فيرزقهم الطعم. وكذلك قال اشعيا النبي وهو على ذلك ان يخلصون فيكونوا بقية زرع في طاعة الله وعبادته. كما قال النبي اشعيا: "لولا ان الله ابقا منا بقية زرعا لكنا مثل اهل سدوم وعمره واشباههم". ولكن لكيلا يهلكون ويبيدوا من قبل اللعين الكافر. فبلغ عده من اخذ من الرجال والنسا والشباب والصبيان والشيوخ من اهل المدينة والكورة مما حولها اربعة الف ومايتين واثنتين وخمسين نفسا. فقتلهم على الاعتراف والشهادة بالمسيح. ورفضوا بالدنيا الذاهبة التي هي دار الغرور والباطل.
وانه عندما اراد ان يقتل الشهدا جمع النسا واولادهن وجعلهن في بيت على حدة، مقابل الرجال. فصنع ذلك يريد ان يرفق بهم ويطغيهم باللين وحسن اللفظ، لكيما يكفرون بالمسيح. واذ هم اجمعين: الرجال والنسا والصبيان، يدعون دعوة واحدة باعلا اصواتهم ويقولون: "نعوذ بالله ان يكون لنا هذا! ولكنا نكفر بالاهل وبكل ما في هذه الدنيا، وبعد ذلك نحمل الصليب ونتبع منجلنا شهد على عهد بيلاطس البنطي".
فلما ري ذلك منهم الملك الملعون، جعل يكلمهم برفق ولين، ويطلب اليهم بخداع وحسن لفظ مع طمع كثير يطمعهم، ويقول لهم: "لا تضلون وتتبعون الذي يقال له المسيح، الذي ضربوه اباونا بالعصي وصلبوه وقتلوه، ولكن طيعوني وتهودوا، فتعيشوا مع بنيكم. وان لم تطيعوني فها تموتوا موتسو".
عند ذلك صاحوا النسا مع صبيانهم وبدوا وقالوا: "نحن نومن بالمسيح، ومنجل اسمه نموت طيبين الانفس. ونعوذ بالله ان نكفر به. ولكنا نسبحه ونعظمه وهو اله وابن اله، حيا دايما، ونحن له ****. ونسجد لصليبه، وعلى اسمه نموت. ونعوذ بالله ان نحيا بعد قتل ازواجنا".
فقال لهم الملك المنافق: "ايه النسوة، وترضون ان تموتوا في شان رجل ساحر وضال؟".
وان عشرة منهم من الصالحات وممن اكتسين كسوة العفاف والعذره وقالوا للملك اليهودي: "يقطع لسانك المجدف، وفاك النجس يسد ايه الكافر".
عند ذلك غضب الملعون غضب شديد، وامر ان يذهب بهن الى حفرة هناك ليضرب اعناقهم، حيث كان قتل قبلهم الشهدا. وكان عدد اوليك النسا الذين قتلوا، مايتين وسبعة وعشرين.
وكانوا الجند يجرونهم بشعورهم الى القتل وهن طيبات الانفس بذلك فرحات. فلما بلغوا المكان الذي امر ان يقتلوا فيه جعلوا الرهبانيات يطلبوا بعضهم من بعض ويقولوا: "اتركونا نحن نكون السابقات والاخذات هذه العطية الفاضلة، التي هي الشهادة. لانا بخاتم العذره، ونحن لابسات الاسكيم الرهبانية الذي للملايكة، وان كنا ليس لذلك اهلا. وانتم تعلموا ان في اخذ القربان المقدس الذي به نطهر من خطايانا، وحياة الانفس، نحن كنا نتقدم الى ملكنا المسيح. والخدام كذلك كانوا يقدمونا الى اخذ القدس كنحوا مما ينبغي ان يكون في شكل الكنيسة وصواب الوضع فيها. وكنتم انتم تتقدموا على اثارنا الى القربان المقدس واخذه. فهذا مما يجمل بنا ان نتقدم الى كاس الموت قبلكم وقبل ازواجكم، ونذوق طعمه.
وكان هذا من قول النسا الرهبانيات بطيبة الانفس وبشاشة القلوب.

رد مع اقتباس