[ 50 ]
أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها، فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه، وعدت عادية على إبلهما، فقال عامر لعمرو: أتدرك الابل أم تطبخ هذا الصيد ؟ فقال عمرو: بل أطبخ، فلحق عامر بالابل فجاء بها، فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما، فقال لعامر: أنت مدركة، وقال لعمرو: وأنت طابخة [ وخرجت أمهم لما بلغها الخبر، وهى مسرعة، فقال لها: تخندفين ! فسميت خندف ]. وأما قمعة فيزعم نساب مضر أن خزاعة من ولد عمرو بن لحى بن قمعة ابن إلياس. قصة عمرو بن لحى، وذكر أصنام العرب قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت عمرو بن لحى يجر قصبة في النار، فسألته عمن بينى وبينه من الناس، فقال: هلكوا. قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة - قال ابن هشام: واسم أبى هريرة: عبد الله ابن عامر، ويقال: اسمه عبد الرحمن بن صخر - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لاكثم بن الجون الخزاعى: يا أكثم رأيت عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به، ولا بك منه، فقال أكثم: عسى أن يضرنى شبهه يا رسول الله ! قال: لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنه كان أول من غير دين إسماعيل، فنصب الاوثان، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامى. قال ابن هشام: حدثنى بعض أهل العلم: أن عمرو بن لحى خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق - وهم ولد عملاق، ويقال: عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح - رآهم يعبدون
[ 51 ]
الاصنام، فقال لهم: ما هذه الاصنام التى أراكم تعبدون ؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنما، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له هبل، فقدم به مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه. قال ابن إسحاق: ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بنى إسماعيل، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم، حين ضاقت عليهم، والتمسوا الفسح (1) في البلاد، إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيثما نزلوا وضعوه، فطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وأعجبهم، حتى خلف الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره، فعبدوا الاوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الامم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها: من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة، والوقوف على عرفة والمزدلفة، وهدى البدن، والاهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه، فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك ". فيوحدونه بالتلبية، ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: [ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ] [ 106 من سورة يوسف ] أي ما يوحدونني لمعرفة حقى إلا جعلوا معى شريكا من خلقي. وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها، قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [ قالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن
(1) الفسح: جمع فسحة، كغرفة - وهى السعة، والفسح - بفتح فسكون - مثله (*).
[ 52 ]
ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا، وقد أضلوا كثيرا ] [ 23 و 24 من سورة نوح ] فكان الذين اتخذوا تلك الاصنام من ولد إسماعيل وغيرهم، وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل: هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، اتخذوا سواعا، فكان لهم برهاط، وكلب بن وبرة من قضاعة، اتخذوا ودا بدومة الجندل. قال ابن إسحاق: وقال كعب بن مالك الانصاري: وننسى اللات والعزى وودا * ونسلبها القلائد والشنوفا قال ابن هشام: وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله قال ابن هشام: وكلب: ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. قال ابن إسحاق: وأنعم من طيئ، وأهل جرش من مذحج، اتخذوا يغوث بجرش. قال ابن هشام: ويقال: أنعم. وطيئ: ابن أدد بن مالك ومالك: مذحج ابن أدد، ويقال: طيئ ابن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ. قال ابن إسحاق: وخيوان بطن من همدان، اتخذوا يعوق بأرض همدان من أرض اليمن. قال ابن هشام: اسم همدان: أو سلة بن مالك بن زيد بن ربيعة بن أو سلة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. ويقال: أو سلة: ابن زيد بن أو سلة بن الخيار. ويقال: همدان ابن أو سلة بن ربيعة بن مالك بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. قال ابن هشام: وقال مالك بن نمط الهمداني: يريش الله في الدنيا ويبرى * ولا يبرى يعوق ولا يريش
[ 53 ]
وهذا البيت في أبيات له. قال ابن إسحاق: وذو الكلاع من حمير، اتخذوا نسرا بأرض حمير. وكان لخولان صنم يقال له عميانس بأرض خولان: يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسما بينه وبين الله بزعمهم، فما دخل في حق عميانس من حق الله تعالى الذى سموه له تركوه له، وما دخل في حق الله تعالى من حق عميانس ردوه عليه. وهم بطن من خولان، يقال لهم الاديم، وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى فيما يذكرون: [ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا، فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم، ساء ما يحكمون ]. [ 136 من سورة الانعام ] قال ابن هشام: خولان: ابن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ويقال: خولان ابن عمرو بن مرة بن أدد بن زيد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ، ويقال: خولان: ابن عمرو بن سعد العشيرة بن مذحج. قال ابن إسحاق: وكان لبنى ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر صنم، يقال له سعد، صخرة بفلاة من أرضهم طويلة - فأقبل رجل من بنى ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه، التماس بركته، فيما يزعم، فلما رأته الابل - وكانت مرعية لا تركب، وكان يهراق عليه الدماء، نفرت منه، فذهبت في كل وجه، وغضب ربها الملكانى، فأخذ حجرا فرماه به، ثم قال: لا بارك الله فيك، نفرت على إبلى، ثم خرج في طلبها حتى جمعها، فلما اجتمعت له قال: أتينا إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فلا نحن من سعد وهل سعد إلا صخرة بتنوفة * من الارض لا تدعو لغى ولا رشد ؟ وكان في دوس صنم لعمرو بن حممة الدوسى.
[ 54 ]
قال ابن هشام: سأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله. ودوس: ابن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن نصر بن الاسد بن الغوث، ويقال: دوس: ابن عبد الله ابن زهران بن الاسد بن الغوث. قال ابن إسحاق: وكانت قريش قد اتخذت صنما على بئر في جوف الكعبة يقال له: هبل. قال ابن هشام: واتخذوا إسافا ونائلة، على موضع زمزم ينحرون عندهما، وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم - هو إساف بن بغى، ونائلة بنت ديك - فوقع إساف على نائلة في الكعبة، فمسخهما الله حجرين. قال ابن إسحاق: حدثنى عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها قالت: سمعت عائشة رضى الله عنها تقول: ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم أحدثا في الكعبة، فمسخهما الله تعالى حجرين، والله أعلم. قال ابن إسحاق: وقال أبو طالب: وحيث ينيخ الاشعرون ركابهم * بمفضى السيول من إساف ونائل قال ابن هشام: وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى قال ابن إسحاق: واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه، فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب، فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره، وإذا قدم من سفره تمسح به، فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله، فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، قالت قريش: أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا الشئ عجاب ! وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهى بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة
[ 55 ]
وحجاب، وتهدى لها كما تهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهى تعرف فضل الكعبة عليها، لانها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده فكانت لقريش وبنى كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان، من سليم، حلفاء بنى هاشم. قال ابن هشام: حلفاء [ بنى ] أبى طالب خاصة، وسليم: سليم بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. قال ابن إسحاق: فقال شاعر من العرب: لقد أنكحت أسماء رأس بقيرة * من الادم أهداها امرؤ من بنى غنم رأى قدعا في عينها إذ يسوقها * إلى غبغب العزى فوسع في القسم وكذلك كانوا يصنعون إذا نحروا هديا قسموه في من حضرهم. الغبغب: المنحر ومهراق الدماء. قال ابن هشام: وهذان البيتان لابي خراش الهذلى، واسمه خويلد بن مرة، في أبيات له. والسدنة: الذين يقومون بأمر الكعبة، قال رؤبة بن العجاج: فلا ورب الآمنات القطن * بمحبس الهدى وبيت المسدن وهذا البيتان في أرجوزة له، سأذكر حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه. قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بنو معتب من ثقيف. قال ابن هشام: وسأذكر حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه. قال ابن إسحاق: وكانت مناة للاوس والخزرج، ومن دان بدينهم من
[ 56 ]
أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد. قال ابن هشام: وقال الكميت بن زيد [ أحد بنى أسد بن خزيمة بن مدركة: ] وقد آلت قبائل لا تولى * مناة ظهورها متحرفينا وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن هشام: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان بن حرب فهدمها، ويقال: على بن أبى طالب. قال ابن إسحاق: وكان ذو الخصلة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة. قال ابن هشام: ويقال: ذو الخلصة. قال رجل من العرب: لو كنت يا ذا الخلص المؤتورا * مثلى وكان شيخك المقبورا * لم تنه عن قتل العداة زورا * قال: وكان أبوه قتل، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة، فاستقسم عنده بالازلام، فخرج السهم بنهيه عن ذلك، فقال هذا الابيات. ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندى، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلى فهدمه. قال ابن إسحاق: وكانت فلس لطيئ ومن يليها بجبلى طيئ، يعنى سلمى وأجأ. قال ابن هشام: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليها على بن أبى طالب فهدمها، فوجد فيها سيفين، يقال لاحدهما: الرسوب، وللآخر: المخذم، فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبهما له، فهما سيفا على رضى الله عنه. قال ابن إسحاق: وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: رئام.
[ 57 ]
قال ابن هشام: قد ذكرت حديثه فيما مضى. قال ابن إسحاق: وكانت رضاء بيتا لبنى ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد [ بن زيد مناة ] حين هدمها في الاسلام: ولقد شددت على رضاء شدة * فتركتها قفرا بقاع أسحما قال ابن هشام: قوله: * فتركتها قفرا بقاع أسحما * عن رجل من بنى سعد. ويقال: إن المستوغر عمر ثلاث مئة سنة وثلاثين سنة، وكان أطول مضر كلها عمرا، وهو الذى يقول: ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد السنين مئينا مئة حدتها بعدها مئتان لى * وازددت من عدد الشهور سنينا هل ما بقى إلا كما قد فاتنا * يوم يمر وليلة تحدونا وبعض الناس يروى هذه الابيات لزهير بن جناب الكلبى. قال ابن إسحاق: وكان ذون الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد. وله يقول أعشى بنى قيس بن ثعلبة: بين الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذى الكعبات من سنداد قال ابن هشام: وهذا البيت للاسود بن يعفر النهشلي. نهشل: ابن دارم ابن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، في قصيدة له. وأنشدنيه أبو محرز خلف الاحمر: أهل الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذى الشرفات من سنداد أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي قال ابن إسحاق: فأما البحيرة فهى بنت السائبة، والسائبة: الناقة إذا
[ 58 ]
تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر، سيبت فلم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها، ثم خلى سبيلها مع أمها، فلم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها، فهى البحيرة بنت السائبة. والوصيلة: الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن، ليس بينهن ذكر، جعلت وصيله، قالوا: قد وصلت، فكان ما ولدت بعد بذلك للذكور منهم دون إناثهم، إلا أن يموت منها شئ فيشتركوا في أكله، ذكورهم وإناثهم. قال ابن هشام: ويروى: فكان ما ولدت بعد ذلك لذكور بنيهم دون بناتهم. قال ابن إسحاق: والحامي: الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر، حمى ظهره فلم يركب، ولم يجز وبره، وخلى في إبله يضرب فيها، لا ينتفع منه بغير ذلك. قال ابن هشام: وهذا [ كله ] عند العرب على غير هذا إلا الحامى، فإنه عندهم على ما قال ابن إسحاق، فالبحيرة عندهم: الناقة تشق أذنها فلا يركب ظهرها، ولا يجز وبرها، ولا يشرب لبنها إلا ضيف، أو يتصدق به، وتهمل لآلهتهم. والسائبة: التى ينذر الرجل أن يسيبها إن برئ من مرضه، أو إن أصاب أمرا يطلبه، فإذا كان ذلك أساب ناقة من إبله أو جملا لبعض آلهتهم، فسابت فرعت لا ينتفع بها. والوصيلة: التى تلد أمها اثنين في كل بطن، فيجعل صاحبها لآلهته الاناث [ منها ] ولنفسه الذكور منها، فتلدها أمها ومعها ذكر في بطن، فيقولون: وصلت أخاها، فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به. قال ابن هشام: حدثنى به يونس بن حبيب النحوي وغيره، روى بعض ما لم يرو بعض. قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تبارك وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه
[ 59 ]
وسلم أنزل عليه: [ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام، ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ] [ 103 من سورة المائدة ]. وأنزل الله تعالى: [ وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم ] [ 139 من سورة الانعام ]، وأنزل عليه: [ قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا، قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ] [ 59 من سورة يونس ]. وأنزل عليه: [ من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، قل آلذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين نبئونى بعلم إن كنتم صادقين * ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين، قل آلذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين، أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم، إن الله لا يهدى القوم الظالمين ] [ 143 و 144 من سورة الانعام ]. قال ابن هشام: قال الشاعر: حول الوصائل في شريف حقة * والحاميات ظهورها والسيب وقال تميم بن أبى [ بن ] مقبل أحد بنى عامر بن صعصعة: فيه من الا خرج المرباع قرقرة * هدر الديافى وسط الهجمة البحر وهذا البيت في قصيدة له. وجمع بحيرة: بحائر وبحر، وجمع وصيلة: وصائل ووصل. وجمع سائبة الاكثر: سوائب وسيب. وجمع حام الاكثر: حوام. عدنا إلى سياقة النسب قال ابن إسحاق: وخزاعة تقول: نحن بنو عمر بن عامر، من اليمن. قال ابن هشام: وتقول خزاعة: نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو
[ 60 ]
ابن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الاسد بن الغوث، وخندف أمنا، فيما حدثنى أبو ****ة وغيره من أهل العلم. ويقال: خزاعة: بنو حارثة بن عمرو بن عامر، وإنما سميت خزاعة لانهم تخزعوا من ولد عمرو ابن عامر، حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر الظهران فأقاموا بها. قال عون بن أيوب الانصاري أحد بنى عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة من الخزرج في الاسلام: فلما هبطنا بطن مر تخزعت * خزاعة عنا في حلول كراكر حمت كل واد من تهامة واحتمت * بضم القنا والمرهفات البواتر وهذان البيتان في قصيدة له. وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع الانصاري، أحد بنى حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس: فلما هبطنا بطن مكة أحمدت * خزاعة دار الآكل المتحامل فحلت أكاريسا وشنت قنابلا * على كل حى بين نجد وساحل (1) نفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا * بعز خزاعي شديد الكواهل قال ابن هشام: وهذه الابيات في قصيدة له، وأنا إن شاء الله أذكر نفيها جرهما في موضعه. قال ابن إسحاق: فولد مدركة بن اليأس رجلين: خزيمة بن مدركة، وهذيل بن مدركة، وأمهما امرأة من قضاعة. فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر: كنانة بن خزيمة، وأسد بن خزيمة، وأسدة بن خزيمة، والهون بن خزيمة. فأم كنانة: عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.
(1) في رواية " وسنت " بالسين مهملة، والقنابل: جمع قنبل، وهى الطائفة من للناس، وأراد أنها فرقت رجالا ذوى عدد لاثارة الغارات (*).
[ 61 ]
قال ابن هشام: ويقال الهون بن خزيمة. قال ابن إسحاق: فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر: النضر بن كنانة، ومالك بن كنانة، وعبد مناة بن كنانة، وملكان بن كنانة. فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر، وسائر بنيه لامرأة أخرى. قال ابن هشام: أم النضر ومالك وملكان: برة بنت مر، وأم عبد مناة هالة بنت سويد بن الغطريف من أزد شنوءة. وشنوءة: عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نضر بن الاسد بن الغوث، وإنما سموا شنوءة لشنآن كان بينهم. والشنآن: البغض. قال ابن هشام: النضر: قريش، فمن كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي، قال جرير بن عطية أحد بنى كليب بن يربوع ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان: فما الام التى ولدت قريشا * بمقرفة النجار ولا عقيم وما قرم بأنجب من أبيكم * ولا خال بأكرم من تميم يعين برة بنت مر أخت تميم بن مر، أم النضر. وهذان البيتان في قصيدة له. ويقال: فهر بن مالك: قريش، فمن كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي، وإنما سميت قريش قريشا من التقرش، والتقرش: التجارة والاكتساب، قال رؤبة بن العجاج: قد كان يغنيهم عن الشغوش * والخشل من تساقط القروش شحم ومحض ليس بالمغشوش قال ابن هشام: والشغوش: قمح، يسمى الشغوش. والخشل: رءوس الخلاخيل والاسورة ونحوه. والقروش: التجارة والاكتساب. يقول: قد كان يغنيهم عن هذا شحم ومحض، والمحض: اللبن الحليب الخالص. وهذه الابيات
[ 62 ]
في أرجوزة له. وقال أبو جلدة (1) اليشكرى، ويشكر: ابن بكر بن وائل: إخوة قرشوا الذنوب علينا * في حديث من عمرنا وقديم وهذا البيت في أبيات له. قال ابن إسحاق: ويقال: إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من بعد تفرقها ويقال للتجمع: التقرش. فولد النضر بن كنانة رجلين: مالك بن النضر، ويخلد بن النضر، فأم مالك: عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان، ولا أدرى أهى أم يخلد أم لا. قال ابن هشام: والصلت بن النضر - فيما قال أبو عمرو المدنى - وأمهم جميعا بنت سعد بن ظرب العدواني. وعدوان: ابن عمرو بن قيس بن عيلان قال كثير بن عبد الرحمن، وهو كثير عزة أحد بنى مليح بن عمرو: من خزاعة (2) أليس أبى بالصلت أم ليس إخوتى * لكل هجان من بنى النضر أزهرا رأيت ثياب العصب مختلط السدى * بنا وبهم والحضرمى المخصرا فإن لم تكونوا من بنى النضر فاتركوا * أراكا بأذناب الفوائج أخضرا وهذه الابيات في قصيدة له. والذين يعزون إلى الصلت بن النضر من خزاعة: بنو مليح بن عمرو، رهط كثير عزة. قال ابن إسحاق: فولد مالك بن النضر فهر بن مالك، وأمه جندلة بنت الحارث بن مضاض الجرهمى. قال ابن هشام: وليس بابن مضاض الاكبر. قال إبن إسحاق: فولد فهر بن مالك أربعة نفر: غالب بن فهر، ومحارب
(1) في ا " أبو خلدة " بفتحات وأوله خاء معجمة. (2) في ا " بن خزاعة " (*).
[ 63 ]
ابن فهر، والحارث بن فهر، وأسد بن فهر، وأمهم ليلى بنت سعد بن هذيل ابن مدركة. قال ابن هشام: وجندلة بنت فهر، وهى أم يربوع بن حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم، وأمها ليلى بنت سعد، قال جرير بن عطية بن الخطفى - واسم الخطفى حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة: وإذا غضبت رمى ورائي بالحصى * أبناء جندلة كخير الجندل وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن إسحاق: فولد غالب بن فهر رجلين: لؤى بن غالب، وتيم بن غالب، وأمهما سلمى بنت عمرو الخزاعى، وتيم بن غالب: الذين يقال لهم: بنو الادرم. قال ابن هشام: وقيس بن غالب، وأمه سلمى بنت كعب بن عمرو الخزاعى، وهى أم لؤى وتيم ابني غالب. قال ابن إسحاق فولد لؤى بن غالب أربعة نفر: كعب بن لؤى، وعامر بن لؤى، وسامة بن لؤى، وعوف بن لؤى، فأم كعب وعامر وسامة: ماوية بنت كعب بن القين بن جسر، من قضاعة. قال ابن هشام: ويقال: والحارث بن لؤى، وهم جشم بن الحارث، في هزان من ربيعة، قال جرير: بنى جشم، لستم لهزان، فانتموا * لاعلى الروابي من لؤى بن غالب ولا تنكحوا في آل ضور نساءكم * ولا في شكيس، بئس مثوى الغرائب وسعد بن لؤى، وهم بنانة، في شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل، من ربيعة. وبنانة: حاضنة لهم من بنى القين بن جسر بن شيع الله، ويقال: سيع الله ابن الاسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، ويقال:
[ 64 ]
بنت النمر بن قاسط، من ربيعة، ويقال: بنت جرم بن ربان بن حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة. وخزيمة بن لؤى بن غالب، وهم هائذة بن شيبان بن ثعلبة، وعائذة: امرأة من اليمن، وهى أم بنى **** بن خزيمة بن لؤى. وأم بنى لؤى كلهم إلا عامر بن لؤى: ماوية بنت كعب بن القين بن جسر. وأم عامر بن لؤى مخشية بنت شيبان بن محارب بن فهر، ويقال: ليلى بنت شيبان بن محارب بن فهر. أمر سامة قال ابن إسحاق: فأما سامة بن لؤى فخرج إلى عمان، وكان بها. ويزعمون أن عامر بن لؤى أخرجه، وذلك أنه كان بينهما شئ ففقأ سامة عين عامر، فأخافه عامر، فخرج إلى عمان، فيزعمون أن سامة بن لؤى بينا هو يسير على ناقته، إذا وضعت رأسها ترتع، فأخذت حية بمشفرها فهصرتها، حتى وقعت الناقة لشقها، ثم نهشت سامة فقتلته، فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون: عين فابكى لسامة بن لؤى * علقت ساق سامة العلاقه لا أرى مثل سامة بن لؤى * يوم حلوا به قتيلا لناقه بلغا عامرا وكعبا رسولا * أن نفسي إليهما مشتاقه إن تكن في عمان دارى فإنى * غالبى، خرجت من غير فاقه رب كأس هرقت يابن لؤى * حذر الموت لم تكن مهراقه رمت دفع الحتوف يابن لؤى * ما لمن رام ذاك بالحتف طاقه وخروس السرى تركت رذيا * بعد جد وحدة ورشاقه (1) قال ابن هشام: وبلغني أن بعض ولده أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) زاد في في التاج: وتعاطيت مفرقا بحسام * وتجنبت قالة العواقه (*).
[ 65 ]
فانتسب إلى سامة بن لؤى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر ؟ فقال له بعض أصحابه: كأنك يا رسول الله قوله: رب كأس هرقت يابن لؤى * حذر الموت لم تكن مهراقه قال: أجل. أمر عوف بن لؤى، ونقلته قال ابن إسحاق: وأما عوف بن لؤى فإنه خرج - فيما يزعمون - في ركب من قريش، حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، أبطئ به، فانطلق من كان معه من قومه، فأتاه ثعلبة بن سعد، وهو أخوه في نسب بنى ذبيان - ثعلبة: ابن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. [ وعوف: ابن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ] - فحبسه وزوجه والتاطه وآخاه. فشاع نسبه في بنى ذبيان. وثعلبة - فيما يزعمون - الذى يقول لعوف حين أبطئ به فتركه قومه: احبس على ابن لؤى جملك * تركك القوم ولا منزل لك (1) قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير - أو محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن حصين - أن عمر بن الخطاب قال: لو كنت مدعيا حيا من العرب أو ملحقهم بنا لادعيت بنى مرة بن عوف، إنا لنعرف فيهم الاشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع، يعنى عوف بن لؤى. قال ابن إسحاق: فهو في نسب غطفان: مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان ابن بغيض بن ريث بن غطفان، وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النسب: ما ننكره وما نجحده، وإنه لاحب النسب إلينا. وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع - قال ابن هشام: أحد بنى مرة ابن عوف - حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش:
(1) في ا " ولا مترك لك " ولها وجه (*).
[ 66 ]
فما قومي بثعلبة بن سعد * ولا بفزارة الشعر الرقابا (1) وقومي - إن سألت - بنو لؤى * بمكة علموا مضر الضرابا سفهنا باتباع بنى بغيض * وترك الاقربين لنا انتسابا سفاهة مخلف لما تروى * هراق الماء واتبع السرابا فلو طووعت، عمرك، كنت فيهم * وما ألفيت أنتجع السحابا وخش رواحة القرشى رحلى * بناجية ولم يطلب ثوابا قال ابن هشام: هذا ما أنشدني أبو ****ة منها. قال ابن إسحاق: فقال الحصين بن الحمام المرى، ثم أحد بنى سهم بن مرة يرد على الحارث بن ظالم، وينتمى إلى غطفان: ألا لسم منا ولسنا إليكم * برئنا إليكم من لؤى بن غالب أقمنا على عز الحجاز، وأنتم * بمعتلج البطحاء بين الاخاشب يعنى قريشا. ثم ندم الحصين على ما قال، وعرف ما قال الحارث بن ظالم، فانتمى إلى قريش وأكذب نفسه، فقال: ندمت على قول مضى كنت قلته * تبينت فيه أنه قول كاذب فليت لساني كان نصفين منهما * بكيم ونصف عند مجرى الكواكب أبونا كنانى بمكة قبره * بمعتلج البطحاء بين الاخاشب لنا الربع من بيت الحرام وراثة * وربع البطاح عند دار ابن حاطب أي أن بنى لؤى كانوا أربعة: كعبا، وعامر، وسامة، وعوفا. قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم: أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لرجال من بنى مرة: إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا إليه. قال ابن إسحاق: وكان القوم أشرافا في غطفان، هم سادتهم وقادتهم، منهم
(1) الشعر: جمع أشعر، وهو الكثير الشعر، ويروى " الشعرى رقابا " (*).
[ 67 ]
هرم بن سنان بن أبى حارثة [ بن مرة بن نشبة ]، وخارجة بن سنان بن أبى حارثة، والحارث بن عوف، والحصين بن الحمام، وهاشم بن حرملة الذى يقول له القائل: أحيا أباه هاشم بن حرمله * [ يوم الهبا آت ويوم اليعمله ] ترى الملوك عنده مغربله * يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له قال ابن هشام: أنشدني أبو ****ة هذه الابيات لعامر الخصفى، خصفة بن قيس بن عيلان: أحيا أباه هاشم بن حرمله * يوم الهبا آت ويوم اليعمله ترى الملوك عنده مغربله * يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له ورمحه للوالدات مثكله وحدثني أن هاشما قال لعامر: قل في بيتا جيدا أثبك عليه، فقال عامر البيت الاول، فلم يعجب هاشما، ثم قال الثاني، فلم يعجبه، قال الثالث، فلم يعجبه، فلما قال الرابع: * يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له * أعجبه، فأثابه عليه. قال ابن هشام: وذلك الذى أراد الكميت بن زيد في قوله: وهاشم مرة المفنى ملوكا * بلا ذنب إليه ومذنبينا وهذا البيت في قصيدة له. وقوله عامر " يوم الهبا آت " عن غير أبى ****ة قال ابن إسحاق: قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها، فأقاموا على نسبهم، وفيهم كان البسل. أمر البسل والبسل - فيما يزعمون - ثمانية أشهر حرم، لهم من كل سنة من بين
[ 68 ]
العرب، قد عرفت ذلك لهم العرب لا ينكرونه ولا يدفعونه، يسيرون به إلى أي بلاد العرب شاءوا، لا يخافون منهم شيئا. قال زهير بن أبى سلمى، يعنى بنى مرة - قال ابن هشام: زهير أحد بنى مزينة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، ويقال: زهير بن أبى سلمى من غطفان، ويقال: حليف في غطفان - تأمل فإن تقو المروراة منهم * وداراتها لا تقو منهم إذا نخل بلاد بها نادمتهم وألفتهم * فإن تقويا منهم فإنهم بسل (1) [ أي حرام ] يقول: ساروا في حرمهم. قال ابن هشام: وهذان البيتان في قصيدة له. قال ابن إسحاق: وقال أعشى بنى قيس بن ثعلبة: أجارتكم بسل علينا محرم * وجارتنا حل لكم وحليلها قال ابن هشام: وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن إسحاق: فولد كعب بن لؤى ثلاثة نفر: مرة بن كعب، وعدى ابن كعب، وهصيص بن كعب، وأمهم وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر ابن مالك بن النضر. فولد مرة بن كعب ثلاثة نفر: كلاب بن مرة، وتيم بن مرة، ويقظة ابن مرة. فأم كلاب: هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن [ فهر بن ] مالك ابن [ النضر بن ] كنانة بن خزيمة. وأم يقظة: البارقية، امرأة من بارق، من الاسد من اليمن. ويقال: هي أم تيم، ويقال: تيم لهند بنت سرير أم كلاب. قال ابن هشام: بارق: بنو عدى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة
(1) المروراة: موضع كان فيه يوم من أيامهم، ونخل: موضع بأرض غطفان من نجد (*).
[ 69 ]
ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الاسد بن الغوث، وهم في شنوءة. قال الكميت بن زيد: وأزد شنوءة اندرءوا علينا * بجم يحسبون لها قرونا فما قلنا لبارق قد أسأتم * وما قلنا لبارق أعتبونا قال: وهذا البيتان في قصيدة له. وإنما سموا ببارق، لانهم تبعوا البرق. قال ابن إسحاق: فولد كلاب بن مرة رجلين: قصى بن كلاب، وزهرة ابن كلاب. وأمهما: فاطمة بنت سعد بن سيل أحد [ بنى ] الجدرة، من جعثمة (1) الازد، من اليمن، حلفاء في بنى الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. قال ابن هشام: ويقال: جعثمة الاسد، وجعثمة الازد، وهو جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بن الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن نصر بن الاسد بن الغوث، ويقال: جعثمة: ابن يشكر ابن مبشر بن صعب بن نصر بن زهران بن الاسد بن الغوث. وإنما سموا الجدرة، لان عامر بن عمرو بن خزيمة بن جعثمة تزوج بنت الحارث بن مضاض الجرهمى - وكانت جرهم أصحاب الكعبة - فبنى للكعبة جدارا فسمى عامر بذلك الجادر، فقيل لولده " الجدرة " لذلك. قال ابن إسحاق: ولسعد بن سيل يقول الشاعر: ما نرى في الناس شخصا واحدا * من علمناه كسعد بن سيل فارسا أضبط فيه عسرة * وإذا ما واقف القرن نزل (2) فارسا يستدرج الخيل كما استدرج * الحر القطامى الحجل قال ابن هشام: قوله " كما استدرج الحر " عن بعض أهل العلم بالشعر. قال ابن هشام: ونعم بنت كلاب، وهى أم أسعد وسعيد ابني سهم بن
(1) في أ " خثعمة " في جميع المواضع هنا. (2) الاضبط: الذى يعمل بكلتا يديه، يعمل بيساره كما يعمل بيمينه، ويقال له " أعسر يسر " أيضا (*).
[ 70 ]
عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى، وأمها: فاطمة بنت سعد بن سيل. قال ابن إسحاق: فولد قصى بن كلاب أربعة نفر وامرأتين: عبد مناف ابن قصى، وعبد الدار بن قصى، وعبد العزى بن قصى، وعبد [ قصى ] بن قصى، وتخمر بنت قصى، وبرة بنت قصى. وأمهم: حبى بنت حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعى. قال ابن هشام: ويقال: حبشية بن سلول. قال ابن إسحاق: فولد عبدمناف - واسمه المغيرة بن قصى - أربعة نفر: هاشم بن عبدمناف، وعبد شمس بن عبدمناف، والمطلب بن عبدمناف، وأمهم: عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سلم بن منصور بن عكرمة، ونوفل بن عبدمناف، وأمه: واقدة بنت عمرو المازنية، مازن بن منصور بن عكرمة. قال ابن هشام: فبهذا النسب خالفهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب ابن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة. قال ابن هشام: وأبو عمرو، وتماضر، وقلابة، وحية، وريطة، وأم الاخثم، وأم سفيان: بنو عبدمناف. فأم أبى عمرو وريطة: امرأة من ثقيف. وأم سائر النساء: عاتكة بنت مرة بن هلال، أم هاشم بن عبدمناف، وأمها: صفية بنت حوزة بن عمرو بن سلول بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وأم صفية: بنت عائذ الله بن سعد العشيرة بن مذحج. قال ابن هشام: فولد هاشم بن عبد مناف أربعة نفر، وخمس نسوة: عبد المطلب بن هاشم، وأسد بن هاشم، وأبا صيفي بن هاشم، ونضلة بن هاشم، والشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية، وحية. فأم عبد المطلب ورقية: سلمى
[ 71 ]
بنت عمرو بن زيد بن لبيد [ بن حرام ] بن خداش بن عامر بن غنم بن عدى ابن النجار - واسم النجار: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر - وأمها: عميرة بنت صخر بن الحارث بن ثعلبة بن مازن ابن النجار. وأم عميرة: سلمى بنت عبد الاشهل النجارية. وأم أسد: قيلة بنت عامر بن مالك الخزاعى. وأم أبى صيفي وحية: هند بنت عمرو بن ثعلبة الخزرجية. وأم نضلة والشفاء: امرأة من قضاعة، وأم خالدة وضعيفة: واقدة بنت أبى عدى المازنية. أولاد عبد المطلب بن هاشم قال ابن هشام: فولد عبد المطلب بن هاشم عشرة نفر وست نسوة: العباس، وحمزة، وعبد الله، وأبا طالب - واسمه عبد مناف - والزبير، والحارث، وحجلا، والمقوم، وضرارا، وأبا لهب - واسمه عبد العزى - وصفية، وأم حكيم البيضاء، وعاتكة، وأميمة، وأروى، وبرة. فأم العباس وضرار: نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر - وهو الضحيان - بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات ابن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار - ويقال: أفصى ابن دعمى بن جديلة - وأم حمزة والمقوم وحجل - وكان يلقب بالغيداق لكثرة خيره، وسعة ماله - وصفية: هالة بنت وهيب بن عبد مناف (1) ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى. وأم عبد الله، وأبى طالب، والزبير، وجميع النساء غير صفية: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأمها: صخرة بنت عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن
(1) في نسخة " عبد مناة " (*).
[ 72 ]
لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأم صخرة: تخمر بنت عبد بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأم الحارث بن عبد المطلب: سمراء بنت جندب بن حجير بن رئاب ابن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة. وأم أبى لهب: لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعى. قال ابن هشام: فولد عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى آله. وأمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأمها: برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأم برة: أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وأم أم حبيب: برة بن عوف بن **** ابن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. قال ابن هشام: فرسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف ولد آدم حسبا، وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم. إشارة إلى ذكر احتفار زمزم قال محمد بن إسحاق [ المطلبى ]: بينما عبد المطلب بن هاشم نائم في الحجر إذ أتى فأمر بحفر زمزم، وهى دفن بين صنمي قريش: إساف ونائلة، عند منحر قريش. وكانت جرهم دفنتها حين ظعنوا من مكة، وهى بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، التى سقاه الله حين ظمئ وهو صغير، فالتمست له أمه ماء فلم
[ 73 ]
تجده، فقامت على الصفا تدعو الله وتستغيثه لاسماعيل، ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك. وبعث الله تعالى جيريل عليه السلام، فهمز له بعقبه في الارض، فظهر الماء، وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه، فجاءت تشتد نحوه، فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب، فجعلته حسيا. أمر جرهم ودفن زمزم قال ابن هشام: وكان من حديث جرهم، ودفنها زمزم، وخروجها من مكة، ومن ولى أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبد المطلب زمزم، ما حدثنا به زياد بن عبد الله البكائى عن محمد بن إسحاق المطلبى، قال: لما توفى إسماعيل ابن إبراهيم ولى البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه، ثم ولى البيت بعده مضاض بن عمرو الجرهمى. قال ابن هشام: ويقال: مضاض بن عمرو الجرهمى. قال ابن إسحاق: وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو وأخوالهم من جرهم. وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة، وهما ابنا عم. وكانا ظعنا من اليمن فأقبلا سيارة، وعلى جرهم مضاض بن عمرو، وعلى قطوراء السميدع رجل منهم. وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر، فأعجبهما فنزلا به. فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز. ونزل السميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد فما حاز. فكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها، وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه. ثم إن جرها وقطوراء بغى بعضهم على بعض، وتنافسوا الملك بها، ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت، وإليه ولاية البيت دون السميدع، فساع بعضهم إلى بعض، فخرج مضاض بن عمرو بن قعيقعان في كتيبة
[ 74 ]
سائرا إلى السميدع، ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب يقعقع بذلك معه، فيقال: ما سمى قعيقعان بقعيقعان إلا لذلك. وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال، فيقال: ما سمى أجياد أجيادا إلى لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه. فالنقوا بفاضح، واقتتلوا قتالا شديدا، فقتل السميدع، وفضحت قطوراء، فيقال: ما سمى فاضح فاضحا إلا لذاك. ثم إن القوم تداعوا إلى الصلح، فساروا حتى نزلوا المطابخ: شعبا بأعلى مكة، واصطلحوا به، وأسلموا الامر إلى مضاض، فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له، نحر للناس فأطعمهم فاطبخ الناس وأكلوا، فيقال: ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك. وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ لما كان تبع نحر بها وأطعم، وكانت منزله، فكان الذى كان بين مضاض والسميدع أول بغى كان بمكة فيما يزعمون. ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة، وأخوالهم من جرهم، ولاة البيت والحكام بمكة، لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخؤولتهم وقرابتهم، وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغى أو قتال، فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد فلا يناوئون قوما إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم. استيلاء قوم كنانة وخزاعة على البيت، ونفى جرهم ثم إن جرهما بغوا بمكة، واستحلوا خلالا من الحرمة فظلموا من دخلها من غير أهلها، وأكلوا مال الكعبة الذى يهدى لها، فرق أمرهم. فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة (1) بن كنانة، وغبشان من خزاعة ذلك، أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة. فأذنوهم بالحرب فاقتتلوا، فغلبتهم بنو بكر وغبشان، فنفوهم من مكة، وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلما ولا بغيا، ولا يبغى فيها أحد إلا أخرجته، فكانت تسمى الناسة، ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا
(1) في نسخة " عبد مناف " (*).
[ 75 ]
هلك مكانه، فيقال: إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا. قال ابن هشام: أخبرني أبو ****ة: أن بكة اسم لبطن مكة، لانهم يتباكون فيها، أي يزدحمون. وأنشدني: إذا الشريب أخذته أكه * فخله حتى يبك بكه أي فدعه [ حتى ] يبك إبله، أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه. وهو موضع البيت والمسجد. وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم قال ابن إسحاق: فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمى بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا. فقال عمرو بن الحارث [ بن عمرو ] بن مضاض في ذلك، وليس بمضاض الاكبر: [ وقائلة والدمع سكب مبادر * وقد شرقت بالدمع منها المحاجر ] كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس، ولم يسمر بمكة سامر [ فقلت لها والقلب منى كأنما * يلجلجه بين الجناحين طائر ] بلى نحن كنا أهلها، فأزالنا * صروف الليالى والجدود العواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابت * نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ونحن ولينا البيت من بعد نابت * بعز فما يحظى لدينا المكاثر ملكنا فعززنا، فأعظم بملكنا فليس لحى غيرنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته * فأبناؤه منا ونحن الاصاهر فإن تنثن الدنيا علينا بحالها * فإن لها حالا وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة * كذلك يا للناس تجرى المقادر أقول إذا نام الخلى ولم أنم * أذا العرش، لا يبعد سهيل وعامر وبدلت منها أوجها لا أحبها * قبائل منها حمير ويحابر
[ 76 ]
وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة * بذلك عضتنا السنون الغوابر فسحت دموع العين تبكى لبلدة * بها حرم أمن وفيها المشاعر وتبكى لبيت ليس يؤذى حمامه * يظل به أمنا وفيه العصافر وفيه وحوش لا ترام أنيسة * إذا خرجت منه فليست تغادر قال ابن هشام: قوله " فأبناؤه منا " عن غير ابن إسحاق. قال ابن إسحاق: وقال عمرو بن الحارث أيضا يذكر بكرا وغبشان، وساكني مكة الذين خلفوا فيها بعدهم: يا أيها الناس سيروا، إن قصركم * أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا حثوا المطى وأرخوا من أزمتها * قبل الممات وقضوا ما تقضونا كنا أناسا كما كنتم، فغيرنا * دهر، فأنتم كما كنا تكونونا قال ابن هشام: هذا ما صح له منها. وحدثني بعض أهل العلم بالشعر: أن هذه الابيات أول شعر قيل في العرب، وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن ولم يسم لى قائلها. استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت قال ابن إسحاق: ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بنى بكر ابن عبد مناة، وكان الذى يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشانى، وقريش إذ ذاك حلول وصرم، وبيوتات متفرقون في قومهم من بنى كنانة، فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعى. قال ابن هشام: ويقال حبشية بن سلول. تزوج قصى بن كلاب حبى بنت حليل قال ابن إسحاق: ثم إن قصى بن كلاب خطب إلى حليل بن حبشية
[ 77 ]
ابنته حبى، فرغب فيه حليل فزوجه، فولدت له عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبدا، فلما انتشر ولد قصى، وكثر ماله، وعظم شرفه، هلك حليل. فرأى قصى أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبنى بكر، وأن قريشا قرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده، فكلم رجالا من قريش وبنى كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبنى بكر من مكة، فأجابوه. وكان ربيعة بن حرام بن عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعد هلك كلاب، فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل، وزهرة يومئذ رجل، وقصى فطيم، فاحتملها إلى بلاده، فحملت قصيا معها، وأقام زهرة، فولدت لربيعة رزاحا. فلما بلغ قصى وصار رجلا أتى مكة، فأقام بها، فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه، كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة، يدعوه إلى نصرته، والقيام معه. فخرج رزاخ بن ربيعة ومعه إخوته: حن بن ربيعة، ومحمود بن ربيعة، وجلهمة بن ربيعة، وهم لغير فاطمة، فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب، وهم مجمعون لنصرة قصى. وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك قصيا، وأمره به حين انتشر له [ من ابنته ] من الولد ما انتشر، وقال: أنت أولى بالكعبة، وبالقيام عليها وبأمر مكة من خزاعة، فعند ذلك طلب قصى ما طلب. ولم نسمع ذلك من غيرهم، فالله أعلم أي ذلك كان. ما كان يليه الغوث بن مر من الاجازة للناس بالحج وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر يلى الاجازة للناس بالحج من عرفة، وولده من بعده، وكان يقال له ولولده صوفة، وإنما ولى ذلك الغوث بن مر لان أمه كانت امرأة من جرهم، وكانت لا تلد، فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها، ويقوم عليها، فولدت الغوث، فكان يقوم على الكعبة في الدهر الاول مع أخواله من جرهم
[ 78 ]
فولى الاجازة بالناس من عرفة، لمكانه الذى كان به من الكعبة، وولده من بعده حتى انقرضوا، فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه: إنى جعلت رب من بنيه * ربيطة بمكة العليه فباركن لى بها إليه * واجعله لى من صالح البريه وكان الغوث بن مر - فيما زعموا - إذا دفع بالناس قال: لا هم إنى تابع تباعه * إن كان إثم فعلى قضاعة قال ابن إسحاق: حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال: كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة، وتجيز بهم إذا نفروا من منى، فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار، ورجل من صوفة يرمى للناس، لا يرمون حتى يرمى، فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه فيقولون له: قم فارم حتى نرمى معك، فيقول: لا والله، حتى تميل الشمس. فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة، ويستعجلونه بذلك، ويقولون له: ويلك ! قم فارم، فيأبى عليهم. حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه. قال ابن إسحاق: فإذا فرغوا من رمى الجمار وأرادوا النفر من منى، أخذت صوفة بجانبى العقبة، فحبسوا الناس وقالوا: أجيزى صوفة، فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا، فإذا نفرت صوفة ومضت خلى سبيل الناس، فانطلقوا بعدهم، فكانوا كذلك حتى انقرضوا، فورثهم ذلك من بعدهم بالقعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانت من بنى سعد في آل صفوان بن الحارث بن شجنة. قال ابن هشام: صفوان: ابن جناب بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. قال ابن إسحاق: وكان صفوان هو الذى يجيز للناس بالحج من عرفة، ثم
[ 79 ]
بنوه من بعده، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الاسلام كرب بن صفوان، وقال أوس [ بن تميم ] بن مغراء السعدى: لا يبرج الناس ما حجوا معرفهم * حتى يقال: أجيزوا آل صفوانا قال ابن هشام: هذا البيت في قصيدة لاوس بن مغراء. ما كانت عليه عدوان من إفاضة المزدلفة وأما قول ذى الاصبع العدواني، واسمه حرثان [ من عدوان ] بن عمرو [ وإنما سمى ذا الاصبع لانه كان له إصبع فقطعها ]: عذير الحى من عدوا * ن كانوا حية الارض بغى بعضهم ظلما * فلم يرع على بعض ومنهم كانت السادا * ت والموفون بالقرض ومنهم من يجيز النا * س بالسنة والفرض ومنهم حكم يقضى * فلا ينقض ما يقضى وهذه الابيات في قصيدة له - فلان الافاضة من المزدلفة كانت في عدوان - فيما حدثنى زياد بن عبد الله البكائى عن محمد بن إسحاق - يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الاسلام أبو سيارة، عميلة ابن الاعزل، ففيه يقول شاعر من العرب: نحن دفعنا عن أبى سيارة * وعن مواليه بنى فزاره حتى أجاز سالما حماره * مستقبل القبلة يدعو جاره قال: وكان أبو سيارة يدفع بالناس على أتان له، فلذلك يقول: " سالما حماره ". أمر عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان قال ابن إسحاق: وقوله " حكم يقضى "، يعنى عامر بن ظرب [ بن عمرو
[ 80 ]
ابن عياذ بن يشكر بن عدوان ] العدواني. وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه، ثم رضوا بما قضى فيه. فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه، في رجل خنثي، له ما للرجل وله ما للمرأة، فقالوا: أتجعله رجلا أو امرأة ؟ ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه. فقال: حتى أنظر في أمركم، فوالله ما نزل بى مثل هذه منكم يا معشر العرب ! فاستأخروا عنه. فبات ليلته ساهرا، يقلب أمره، وينظر في شأنه، لا يتوجه له منه وجه. وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه، وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول: صبحت والله يا سخيل ! وإذا أراحت عليه قال: مسيت والله يا سخيل ! وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس، وتؤخر الاراحة حتى يسبقها بعض. فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت: مالك لا أبالك ! ما عراك في ليلتك هذه ؟ قال: ويلك ! دعينى، أمر ليس من شأنك، ثم عادت له بمثل قولها فقال في نفسه: عسى أن تأتى مما أنا فيه بفرج، فقال: ويحك ! اختصم إلى في ميراث خنثى، أأجعله رجلا أو امرأة ؟ فوالله ما أدرى ما أصنع، وما يتوجه لى فيه وجه. قال: فقالت: سبحان الله ! لا أبالك ! أتبع القضاء المبال، أقعده، فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة فهى امرأة. قال: مسى سخيل بعدها أو صبحى، فرجتها والله. ثم خرج على الناس حين أصبح، فقضى بالذى أشارت عليه به. غلب قصى بن كلاب على أمر مكة، وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له قال ابن إسحاق: فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل، وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم. فأتاهم قصى بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة،
|