ممثلون سعوديون: الكُتاب و «لقمة العيش» وراء ظهورنا في أعمال ضعيفة

بسم الله الرحمن الرحيم


ممثلون سعوديون: الكُتاب و «لقمة العيش» وراء ظهورنا في أعمال ضعيفة


بات المشاهد السعودي أكثر قدرة على تصنيف الأعمال التي تبثها الشاشات العربية، ولم يعد قادراً على منح الأعمال المحلية القبول ما لم ترتق إلى ما يتطلع إليه، إذ يرى السعوديون اليوم بأن التجربة المحلية بعد هذه الأعوام امتلكت من الخبرة ما يفرض عليها الخروج بالشكل المأمول ومنافسة الأعمال الخليجية والعربية.

لكن الكثير منهم يعتبر أن التجربة المحلية لا زالت تراوح في نفس المكان، ولم تستطع الخروج من عالم التجارب على صعيد النص أو الإخراج، لكن قبول الفنان السعودي المشاركة في عمل لا يليق بقيمة الدراما المحلية ولا يزيد من قيمته الفنية كان سؤال «الحياة» الرئيسي لعدد من الفنانين الذين برروا مثل هذه المشاركات بأسباب مختلفة جاءت الظروف المادية في مقدمها.

الفنان فايز المالكي يرى بأن الخيارات بالنسبة للفنانين السعوديين أقل مما يتخيله المتابعون وليست بالجودة المنتظرة ويضيف: «لو رفض الممثل المشاركة في النصوص التي تقدم له فإنه لن يجد أعمالاً يشارك بها، ولو استمر بالرفض فإن المؤسسات الفنية المنتجة ستتخذ موقفاً منه ولن تعرض عليه أي أعمال مستقبلاً، وبالتالي سيغيب عن الشاشة وسينساه الجمهور»، لكنه يصر على أن العائد المادي وحاجة الفنان تجبره على الرضوخ وقبول الفرصة أياً كانت. لكن الممثل الشاب ماجد مطرب فواز يرفض تعميم هذه التهمة إذ يقول: «من الصعب أن نعمم مثل هذه النظرية، نعم يقبل البعض المشاركة في أعمال ضعيفة، لكن آخرين يحترمون أنفسهم ويحترمون ذائقة المشاهد، ولديهم ما يكفي من الدراية للحكم على جودة النصوص المعروضة، لذلك يدفعون الضريبة المتمثلة في قلة المشاركة، وعلى العكس سيبحث آخرون عن الربح المادي السريع والشهرة دون معايير ولعل هذا الصنف هو الأكثر حالياً مع الأسف الشديد».

ضعف الأعمال المحلية مسؤولية يرفض ماجد مطرب فواز أن تلقى بكاملها على الفنان السعودي، «من أهم أسباب هذه الظاهرة المتفشية في الدراما المحلية هي قلة الكتاب المميزين الذين يملكون الحرفية ولديهم الثقافة الكافية، كما أن الوسط الفني اليوم يفتقر إلى الدعم الكافي من الجهات المسؤولة والمختصة، وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام للمنتج المحلي».

بينما يحمل الفنان السعودي عبدالعزيز الشمري المسؤولية كاملة على الكتاب، إذ يرى بأن الوسط الدرامي السعودي لا زال يفتقر إلى النصوص الحقيقية، «التمثيل عندنا مازال اجتهاداً وليس صناعة ذات مردود مادي مجزي، ما يؤدي إلى غياب النص السعودي الصريح، فأغلب النصوص ممسوخة من روايات إما أنها قد قدمت من قبل في أعمال عربية، أو نصوص ليست سعودية المضمون والمحتوى، نصوص تجارية تمت سعودتها ففقدت أهليتها كنص سعودي يحاكي ظروفنا الخاصة وواقعنا، لذا من الطبيعي أن يضعف النص ويضعف العمل ويضعف أداء الممثل لأنه لا يجد نفسه بين سطور العمل» ويضيف: «بصراحة، الممثل أصبح يهمه الحضور فقط لأن غيابه سيؤثر عليه، والمشاهد ينسى أي ممثل يغيب عن الشاشة، ولا ننسى دور المادة فالمؤسسات الفنية تدفع أجوراً عالية لبعض الممثلين، ما يدفعه لقبول الدور أياً كان».

أما الفنانة ريفان كنعان فترى بأن تنافس الفنانين في مساحة ضيقة يجبر بعضهم على قبول أي عمل بسرعة ومن دون تردد، «الأعمال المحلية قليلة ويدرك بعض الفنانين أن أي عمل سيرفضه، سيذهب لغيره، ما يعني بأنه سيخسر مادياً وبالتالي سيقبل أية فرصة من دون شروط». الفنان عبد العزيز السكيرين لا يرى بأن ظاهرة المشاركة في الأعمال الضعيفة ظاهرة محلية، إذ إن فنانين من مختلف دول العالم تجبرهم الظروف على فعل الأمر نفسه – على حد قوله -، «عوامل مختلفة تدفع الفنان لقبول أعمال دون المستوى، فأحياناً يأتي القبول مدفوعاً بالحرج كون المنتج تربطه بالفنان علاقة شخصية، وأحياناً تأتي الرغبة في تحقيق الشهرة كدافع مهم، لكن تلك المشاركات راجعة في أغلبها للإغراء المادي، ولكن نحن لا نحاسب الفنان بل نحاسب الجهة المسؤولة التي أجازت العمل وأشرفت عليه رقابياً، وهنا تكمن المصيبة».

الأعمال الضعيفة لا تنعكس بسلبياتها على الفنان فقط بحسب الممثل طلال السدر الذي يعتبر بأن الأعمال وليدة تعاون بين أطراف مختلفة والضعف في أي عمل تلام عليه أكثر من جهة فالفنان طرف واحد في المعادلة لكن المنتج والكاتب والقناة العارضة للعمل أيضاً أطراف مهمة تتأثر بشكل طبيعي بضعف الأعمال، ويضيف السدر: «يشارك الممثل في مثل هذه الأعمال المحلية الضعيفة نصاً، بسبب قلة الإنتاج في البلد إذ لا تتجاوز الأعمال السعودية في السنة ثلاثة أعمال لذلك يضطرون للمشاركة فيها، وتختلف غاية كل ممثل عن الآخر، فمنهم من يشارك من أجل الحضور و منهم من يشارك من أجل المادة، لكن هذا لا يعني أننا نفتقر إلى النصوص المميزة، لكن من يختار هذه النصوص الضعيفة يعكس ضعفه الفني».

يختصر الفنان أحمد العليان رأيه في الموضوع إذ يقول وبعامية: «مالك إلا هيفا»، ويشرح: «هذه هي الخيارات المتوفرة، والفنان مجبر على العمل والتواجد، بحكم حاجته المادية فهو مضطر كأي مواطن لتأمين حاجاته المعيشية، وبعض الفنانين تركوا وظائفهم وركضوا خلف التمثيل، معتقدين بأنهم سيحققون الشهرة والثراء كحال الممثلين في الدول العربية، قبل أن يصدموا بالواقع المر، لذا يقبل بأي دور مهما كان».