رثاء جويرية الكنانية لإبنيها
لما قدم بسر بن أبي أرطأة بجيشه من الشام على نجران ( بعد مروره بالمدينة ومكة والطائف ) في عهد الخليفة علي بن أبي طالب عليه السلام وكان عليها عبد الله بن عبد المدان الحارثي، فأتاه بسر فقتله، وقتل ابنه مالك بن عبد الله، وقد كان عبدالله خلف ابنيه عبد الرحمن وقثم عند جويرية ابنة قارظ الكنانية، وهي أمهما، وخلف معها رجلاً من كنانة، فلما انتهى بسر إليها دعا ابني عبدالله ليقتلهما، فقام الكناني فانتضى سيفه وقال: والله لأقتلن دونهما فألآقي عذراً لي عند الله والناس، فضارب بسيفه حتى قتل، وخرجت نسوة من بني كنانة فقلن: يا بسر! هذا، الرجال يقتلون، فما بال الولدان، والله ما كانت الجاهلية تقتلهم، والله إن سلطاناً لا يشتد إلا بقتل الصبيان ورفع الرحمة لسلطان سوء، فقال بسر: والله لقد هممت أن أضع فيكن السيف، وقدم الطفلين فذبحهما، فقالت أمهما ترثيهما:
ها من أحس بنيي اللـذين هـمـا ** سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف
ها من أحس بنيي اللـذين هـمـا ** مخ العظام فمخي اليوم مزدهـف
ها من أحس بنيي اللـذين هـمـا ** كالدرتين تشظى عنهما الصـدف
نبئت بسراً وما صدقت ما زعمـوا ** من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مـرهـفة ** مشحوذة وكذاك الأمر مقـتـرف
من دل وإلهـه خـرى وثـاكـلة ** على صبيين ضلا إذ غداً السلـف
المرجع : تاريخ اليعقوبي
|