نجران: أزمة رمال تهدد 15 مصنعا لـ«البلك والخرسانة» بالتوقف.. وولادة سوق سوداء للرمل
صحيفة نجران : نجران
عبدالله شيبان - الشرق الأوسط
تواجه مشاريع تحت الإنشاء في نجران خشية توقفها عن العمل، جراء نقص في تمويلها بالرمل، بعد تلميح قرابة 15 مصنعا وكسارة لإنتاج الرمل بالتوقف عن العمل، في أعقاب إقفال موقع، كانت تتلقى تلك المشاريع حاجتها من الرمل منه.
وتقدر المشاريع القائمة، أو تحت الإنشاء في المنطقة، بأكثر من ملياري ريال (533 مليون دولار)، تنصب أغلبها في إنشاء مستشفيات، وجامعة، ومدارس، لتنتج قرابة 350 منشأة، ما بين حكومية وخاصة تتمثل في وحدات سكنية تحتاجها المنطقة.
وبات في شبه المؤكد، توقف 15 مصنعا للبلك والخرسانة الجاهزة بنجران عن العمل، نتيجة وقوعها في أزمة حادة في الرمال، بعد إقفال الموقع الوحيد الذي خصصته وزارة البترول والثروة المعدنية في وادي نجران، ومن ثم في خباش.
وتوقف المصانع تلك، قاد لظهور سوق سوداء للرمال، مبني على الاستغلال والبيع بأضعاف المبلغ المعتمد، من قبل أشخاص قاموا بتخزين كميات كبيرة منه، في مزارع ومستودعات جراء توقعهم حدوث الأزمة، في وقت كانت تصل أسعار بيع الرمال إلى 130 ريالا، في حين بلغ السعر عقب ظهور الأزمة 500 ريال.
وقدر اقتصاديون حجم المشاريع الحكومية التنموية القائمة حاليا بنجران، الرامية لإنشاء جامعة وعدد من المستشفيات والمدارس، ومنشآت ووحدات سكنية قيدت بحدود 350 ألف منشاة، بـ ملياري ريال.
وأكد محمد الوايلي، صاحب أحد مصانع البلك والخرسانة الجاهزة، لـ«الشرق الأوسط» توقف عمل المصنع ليوم واحد (الخميس الماضي) نتيجة نفاد كمية الرمال من المصنع.
وقال الوايلي «أصبحت هناك أزمة حقيقية ستلحق بنا خسائر مالية طائلة بعد إقفال نهل الرمال من وادي نجران، وتم تحديد موقع في خباش عن طريق وزارة البترول والثروة المعدنية بمساحته التي لا تتجاوز 400 م2 منذ عام 2008، وتم دفع رسوم قدرها 80 ألف ريال سنويا لوزارة البترول والثروة المعدنية، ومن ثم طالبونا بتسوير الموقع، ووضع علامات إرشادية، وهو الأمر الذي كلفنا قرابة 400 ألف ريال».
وفي الوقت ذاته، أكد سلطان شاولي وكيل وزارة البترول للثروة المعدنية لـ«الشرق الأوسط» تخصيص موقع بديل، ليكون مجمعا لاستغلال الرمل ومواد البناء (شمال غربي محافظة خباش) للمواقع التي تم إغلاقها بمساحة 14 كم2، وتم تخطيطه وتوزيعه على 70 رخصة، ليكون مساحة كل موقع 160 ألف م2.
وأفصح عن تقدم 10 مستثمرين لطلب رخص استغلال رمل، لا يزالون بانتظار إنهاء إجراءات تسليمهم المواقع الموجودة، لتكفي لانتقال المستثمرين الحاصلين على رخص قديمة في مجمعات أخرى مثل مجمع الخضراء.
وقال «نسعى إلى أن يكون في كل منطقة، عدة مجمعات خاصة بالرمل والكسارات، تحسبا لأي ظرف طارئ، قد يتسبب في وقوع أزمة، وبالنسبة للرمل في وادي نجران، فإن الموقع لا يتبع لوزارة الثروة المعدنية.
وعن افتتاح فرع لوزارة البترول والثروة المعدنية بنجران للمتابعة وإصدار الرخص، لم ير ضرورة لوجود فرع في الفترة الحالية، فقد خصص لنجران 7 مهندسين جيولوجيين يوجدون فيها بشكل مستمر متى ما دعت الحاجة لوجودهم، وأشاد شاولي بالدور الكبير الذي تقوم به إمارة نجران من تعاون وتسهيل مهام وزارة البترول والثروة المعدنية.
وبالعودة للوايلي في حديثه عن الأزمة التي حلت بنجران، قال «بدأت شكاوى المواطنين ومحاولة إبعادنا من الموقع، بحجة أنها أملاكهم الخاصة، وليست من أملاك وزارة البترول والثروة المعدنية، وتم إغلاق جميع المتارس في خباش، ولم نستلم أي موقع بديل، مما اضطرنا إلى شراء الرمال من أصحاب المستودعات بسعر مرتفع، لكن الأمر ينبئ بنفاد كميات الرمال قريبا، وسيتوقف العمل وتتوقف مشاريعنا».
علي اليامي، صاحب مصنع بلك بالمنطقة، أكد أن مشكلة الرمال تعاني منها جميع المصانع القائمة، وقدر الكميات المستهلكة من الرمال بالكبيرة، في وقت كانت تبلغ فيه تكلفة شاحنة الرمال الواحدة 30 ريالا، وبعد إغلاق الموقع في خباش أصبحت تباع بسعر 200 ريال من أصحاب المستودعات، وأشار في الوقت ذاته إلى تقديم طلب للإمارة ووزارة التجارة بالنظر في الأمر، والمطالبة بالسماح برفع الأسعار، في حين تعد رمال الحصينية ليست نقية، وهو الأمر الذي اضطر إلى وضع 6 غرابيل للتنقية، بدلا من واحد.
ورأى الدكتور ذيب بن سعد آل عامر، عضو لجنة العقار بالغرفة التجارية بنجران وعضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودية، أن ارتفاع أسعار الرمال والتراب الأحمر في منطقة نجران يتطلب إيجاد حلول سريعة لاحتواء أزمة الرمل، مع ضرورة إيضاح الأسباب الحقيقية، التي أدت إلى عدم إعطاء تراخيص وتحديد مواقع في وادي نجران، علما بأن وادي نجران يخترق المنطقة من غربها إلى شرقها، ويصب في الربع الخالي في منطقة تسمى «رملة يام».
ولا يمكن الاستغناء عن الرمال كمادة رئيسية في البناء والتشييد وصناعة الخرسانة الجاهزة والبلوك والأسقف الجاهزة، إلى جانب أعمال كثيرة في عملية البناء، وإغلاق وادي نجران، وعدم إعطاء التراخيص لنقل الرمال منه يعيق عجلة البناء والتنمية في المنطقة، فالأسعار ما زالت في تزايد، في ظل ضعف الرقابة من الجهات ذات العلاقة بالأمر.
وبرزت مطالب العاملين في ذات القطاع بضرورة وجود آلية للأسعار في ظل الأعمال والمشاريع الكبيرة والمباني السكنية التي تعد في طور الإنشاء، تحفظ حقوق جميع الأطراف، منعا للمبالغة في الأسعار التي تؤثر على توقف صغار المقاولين.
وتكمن الإشكالية في أن أصحاب المصانع من خرسانة وبلك التي يدخل الرمل في إنتاجها، يعملون على تلبية طلبات المقاولين المرتبطين بمشروعات كبيرة، وتلك المشكلة النهائية يتضرر منها المواطن البسيط، وذلك لاختلاف الأسعار على المقاولين والمواطن، جراء ما يدفع من فروقات مرتبطة بزيادة الأسعار.
وما زاد الأمر تفاقما وفق نظر البعض، أن موردي الرمال يلجأون لإجراء عقود مع أصحاب المصانع والمشروعات الكبيرة لمدد طويلة، تحرم المواطن الحصول على حاجته من الرمال، لتنفيذ مشروع منزل بأسعار غير مبالغ فيها، حيث يعتبر المتحكم في الأسعار في الوقت الحالي، من يطلب كمية أكبر من الرمال، فالمنطقة مقبلة على طفرة عمرانية هائلة في جميع محافظتها وقراها.
واقترح الدكتور ذيب آل عامر، أحد أعيان المنطقة، توزيع مواقع الرمال بوادي نجران، لفك الأزمة بشروط معينة للعمق، وعدم الإضرار بالمجاورين أو استنزاف تلك الثروة بطريقة مجحفة، وأكد آل عامر عدم معرفته عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى عدم إعطاء التراخيص وتحديد المواقع في وادي نجران، فالأمانة ووزارة البترول والثروة المعدنية تطالبان بسرعة حل تلك الأزمة، حتى لا تكون تلك التراخيص محتكرة على فئة معينة من التجار، مع ضرورة التشديد على من يتم منحهم تلك التراخيص بعدم استغلال تلك المواقع بزيادة الحفر عن المستوى المسموح به، وعمل حفر كبيرة تشكل خطرا على المواطنين والصحة العامة، ويطال تأثيرها السلبي على المياه الجوفية، بالإضافة إلى استغلال رفع الأسعار من قبل بعض التجار.
ويبرر ناقلو الرمال ارتفاع أسعار الرمال نتيجة منعهم من نقل الرمال من وادي نجران، ومنعهم من المناطق التي تقع داخل المدينة، مما يضطرهم إلى جلب الرمل من أماكن بعيدة، مثل خباش والحصينية، وذلك يضطرهم إلى زيادة الأحمال، مما يؤثر على سلامة الطريق العام أثناء السير كما يؤثر على السلامة المرورية وكذلك التخزين خوفا من الأمطار.
وأملوا بوضع حلول جذرية لا تعيق عملية البناء والتنمية في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار الأضرار التي تتمثل في تلوث المياه الجوفية نتيجة تعميق الحفر وتعرضها للحرارة والتبخير، حيث إن الرمال تحافظ على مياه الأمطار من التبخير، في ظل وجود كميات ضخمة متوفرة في وادي نجران تحتاج إلى إنزالها مترا واحدا في كل كيلومتر، ابتداء من غرب المنطقة إلى شرقها، وذلك لسلامة المجاورين للوادي عند هطول الأمطار، ولا بد من وضع الحلول قبل أن تتفاقم وتصل إلى حد تعطيل المشاريع التنموية وتنعكس سلبا على المواطنين.
|